عرفت البشرية التهريب عبر الحدود منذ فترة ليست بالقصيرة، والتهريب له صور وإشكال عديدة ،فقد يكون ماديا أو معنويا، فالتهريب المادي يكون بنقل الأشياء الملموسة-المادية- من مكان إلى آخر بعيدا عن أعين الرقيب، وذلك للعديد من الاعتبارات التي تكون إما قانونية أو شرعية وحسب طبيعة الشيء المهرب، وهذا يختلف من دولة إلى أخرى حسب القوانين السائدة فيها، ففي دولة ما حيث يكون الخمر ممنوعا سواء كان ذلك للتعاطي أو الاتجار فان عملية تهريبه عبر الحدود تعتبر عملية غير شرعية ويحاسب عليها القانون بأقسى واشد العقوبات والتي قد تصل إلى الإعدام، بينما في دولة أخرى حيث الخمر مسموحا فان تهريبه عبر الحدود لا ينطوي عليه عقوبة تذكر خصوصا إذا كان المهِرب من العيار الثقيل، أما التهريب المعنوي – المحسوس-، فان المقصود منه هو تهريب أو تسريب للمعلومات بقصد الإضرار بالدولة وخدمة أعداءها بطريقة أو بأخرى.
أما تهريب أو تهرب النواب عن جلسة من جلسات المجلس فهذا ابتكار نيابي جديد تم اختراعه من قبل بعض النواب بغية تهريب النصاب القانوني للحيلولة دون عقد جلسة ما، وذلك لاعتبارات خاصة بالشخص المتهرب أو المتهرب منه أو المتهرب له، وهذا ما حدث في الجلسة التي ترأسها النائب عبدا لله الجازي، حيث كان أول درس تعلمه الطلاب الضيوف والمتوقع لهم أن يكونوا برلمانيو المستقبل- إذا قدر لهم ذلك- ألا وهو كيفية التهرب والتهريب، أي أن تكون غير موجود وأنت موجود، لينتقلوا بعد ذلك إلى التهريب الأكبر.
وفي هذا المجال فإنني اقترح على الطلبة طالما فاتهم حضور إحدى الجلسات المهمة جدا، أن يقوموا بعقد مجلسهم الافتراضي- من باب المحاكاة- بحيث يتم من خلاله تقديم اقتراح برغبة لتشكيل لجنة للتهريب، تكون مهمتها وضع قانونا خاصا تحدد فيه الضوابط والموانع والعقوبات على المتهربين، بحيث يحال هذا القانون إلى لجنتهم القانونية- وهي مفترضة أيضا- لدراسته ومن ثم تقديمه للمجلس – المفترض - للتصويت عليه بحيث تضمن اللجنة أن تتم الموافقة علية بالأغلبية الكاسحة، ويمكن للمؤيدين للقانون المقترح القيام بجولات وزيارات مكوكية بين الطلبة بقصد حشد التأييد اللازم وإقناع الطلبة المعارضين من خلال الولائم – اطعم الثم تستحي العين - لضمان نجاح القانون، بحيث يكون الهدف من القانون مراعاة المصلحة العامة للدولة والمواطن على حد سواء، ولا غضاضة من أن يخالف رئيس اللجنة – تفعيلا للديمقراطية - القانون عند طرحه للتصويت بعد موافقته عليه داخل اللجنة.
ومن الممكن أيضا أن يتم التوصية إلى لجنة التربية والتعليم في المجلس المفترض بالإيعاز إلى وزارة التربية والتعليم لاستحداث منهاجا جديدا تقترح اللجنة تسميته فن التهرب، أو كيف تتعلم التهرب في خمسة دقائق، ولا مانع من أن يغطي المنهاج أكثر من مرحلة دراسية بحيث يتعلم الطالب مثلا في مرحلة معينة التهرب من المدرسة يتبعا التهرب من تصريح منسوب له ثم تهريب الأصوات من دائرة إلى أخرى ثم تهريب لوظيفة وموقع مهم من شخص إلى آخر، ويصبح لدى الطلاب الخبرة والمهارة الكافية والتي تؤهلهم لنقل هذه المهمة إلى أولادهم مستقبلا، بحيث يشار لهم بالبنان وأنهم أصحاب خبرة وباع طويل في التهرب،ولا نرى مانعا من أن يتم تصنيف المهربين إلى أنواع عدة، فالذي يهرب أشياء بسيطة يلقب بالمهرب الأصغر أما الكبيرة فيلقب بالمهرب الأكبر، مع الاحتفاظ بلقب كبير المهربين إلى الذي يتمتع بأكبر خبرة تهريبية على الإطلاق، ثم بعد ذلك يحق لأي كان أن يقوم بعملية تهريب النصاب( بكسر النون وفتح الصاد).
kalilabosaleem@yahoo.com