في الأردن وحده , يقف الجمل شامخا ..ويشارك في عرض عسكري ضمن كتيبة المراسم الخاصة التي استقبلت خادم الحرمين الشريفين ...
أنا شاهدت كل كتائب المراسم في كل دول العالم , ولم أشاهد جملا يقف مثل العسكري بثبات ويستمع للموسيقى , ثم يعبر من أمام المنصة ...وفوقه جندي من البادية ,اسمر الوجه وتحكي الصحراء قصته ...
من الصعب أن تجعل جملا يبقى واقفا طوال هذه المدة , من الصعب أن يستمع هذا الجمل لقرع الطبل ويبقى صامتا , ويقال في اللغة أناخ الجمل أي جعله يجلس ..فمن المنطق حين تنهي الرحلة أن تنيخ الراحلة , حتى يبقى الجمل هادئا ...
وقد تعلمنا في طفولتنا من أهلنا:- أنك إذا رأيت الزبد يخرج من فم الجمل فعليك بالهروب لأن هيجانه , يعتبر قاسيا ولأن غضبه ..قد يودي بصاحب الجمل ...
في الأردن وحده ..وليس في غيره من الأوطان , يتعلم الجمل الضبط والربط ويعبر من أمام المنصة في طابور ...من دون صوت , وكأن من يجلس فوقه يحركه عبر (الريموت كونترول) ...
في المركز الإعلامي أمس , جلس أمامي صحفي ياباني ,وصحفية من ألمانيا وما لفت انتباههما في مشهد استقبال خادم الحرمين الشريفين وهما يتابعانه عبر الشاشات , هو الجمال ..وقد سمعتهما يتحدثان عن عبورها أمام المنصة , كانا في لجة الإنبهار والسعادة من رؤية الجمال ....وتدخلت في حديثهما وشرحت لهما عن رمزية الجمل الدينية والعربية , وكيف أن نواة الجيش الأردني أسست من الهجانة ...أخبرتهما أن الجمال في هذا الوطن هي الأخرى قاتلت معنا , وتعلمت من صبرنا ...
من أمر بإعادة تأسيس كتيبة المراسم هو جلالة الملك , ومن أمر بإدخال المسحة التاريخية , من حيث اللباس والسلاح والسيارات على مراسم الجيش هو جلالة الملك ولو قدر أن اقول للملك شيئا عن مراسم الإستقبال أمس لقلت له :- في الأردن وحده تتعلم الجمال الصبر منا ..علما بأن الجمل هو مدرسة الصبر عبر التاريخ ...
أنا افتخر بأني أردني , فنحن الوطن الوحيد في العالم ...الذي يفتخر الجمل فيه بأنه جندي منا , ويقاتل لأجلنا , ويرحب بضيوفنا ..وما زال طالبا في مدارس صبرنا ووجودنا ....
الرأي