قطاع النقل العام يبدو انه وصل الى حد العصيان, في عدم استجابته لاية تخفيضات يتم اقرارها على اجور الحافلات وسيارات السرفيس والتاكسي, وضربه عرض الحائط بوضوح كل ما يصدر من تعرفة جديدة للخطوط المختلفة, ومحافظته على صمود اسطوري في وجه الانخفاضات المتتالية على اسعار المشتقات النفطية التي وصلت الى ست مرات لغاية الان, وزادت نسبتها مجتمعة احيانا على الخمسين بالمائة, في الوقت الذي كان فيه الارتفاع النفطي ينعكس فورا على اجور النقل بمبادرة ذاتية, دون ان ينتظر اصحاب العلاقة في هذا الشأن, حتى صدور التعديلات الجديدة لزيادتها على المواطنين.!
وصل الامر في هيئة قطاع النقل العام وامانة عمان الكبرى, امام هذا التحدي الماثل للعيان لصلاحياتهما في تحديد اجور الوسائط والخطوط العامة, الى البحث عن وسائل غريبة عجيبة في تأكيد سلطتهما, بعد ان عجزت جميع المحاولات التي تم بذلها من اجل تطبيق اجور النقل المعدلة بما يتوافق مع الاسعار المنخفضة الجديدة لمختلف انواع المحروقات, وبخاصة منها البنزين والسولار الذي تعمل عليه وسائط النقل العامة.!
هيئة تنظيم قطاع النقل العام لم تجد سبيلا امامها لفرض هيبتها والزام خطوط النقل بالتعرفة الجديدة للاجور, سوى اتخاذها قرارا بعدم اجراء اي معاملة تخص ايا من مركبات نقل الركاب, الا بعد حصولها على تصريح التسيير الجديد "كرت الاتجاه" المثبت على التعرفة المعدلة, وكذلك عدم اجراء اي معاملة على سيارات التاكسي الا بعد تعديلها للعدادات وفقا للاجور الجديدة, اي ان تطبيق قرار تخفيض الاجور سيتم بنحو فردي وعلى فترات متقطعة قد تستغرق شهورا, حينما تستدعي حاجة صاحب الحافلة او السيارة العامة الى التقدم بمعاملات اجرائية.!
أما امانة عمان الكبرى التي تولت منذ حوالي العام صلاحية النقل العام داخل العاصمة في قانون مؤقت لا يزال الاختلاف عليه قائما حتى في مجلس النواب, فهي غير قادرة على الزام خطوط النقل بتعرفتها الجديدة لان الاجور لا تزال على حالها المرتفع بين مناطق عمان, مع انها نشرت التفاصيل على صفحات كاملة من اجل تنوير المواطنين على الاقل, وكذلك الحال مع سيارات التاكسي التي لا يزال معظمها يصر على عدم تعديل العداد باي حال من الاحوال.!
فبالرغم من التعديل الذي جرى على تعرفة اجور التاكسي داخل العاصمة منذ حوالي منتصف الشهر الماضي واجراء التخفيض قبل الاخير على اسعار المحروقات, لتصبح التسعيرة 10 فلسات لكل 54 مترا بدلا من خمسين مترا, الا ان عددا لم يتجاوز الفي سيارة هي التي قامت بتعديل عداداتها من اصل حوالي عشرة الاف وخمسماية سيارة, اما التعديل الاخير الذي اصبح 10 فلسات لكل 58مترا, فانه لم ير النور على الاطلاق, في انتظار الالية التي تبحث عنها امانة عمان لتطبيق قراراتها خلال العام المقبل.!
لا ندري.. لماذا وصل الحال من قلة الهيبة وعدم "احترام القرارات الرسمية" في قطاع النقل العام الى هذا المستوى الذي لم يكن معهودا من قبل, والذي يدفع ثمنه مئات الالاف من المواطنين الذين يتنقلون يوميا بين المدن والقرى في مختلف المحافظات والالوية, وداخل الخطوط الداخلية في العاصمة وغيرها, وهم يرون ان التخفيضات المستمرة على اسعار البترول ومشتقاته, لا تلزم وسائط النقل العامة باية تعديلات تتناسب مع الاجور الثابتة على ارتفاع قياسي دون اي حراك.!.0