صفقنا للحكومة عندما اقدمت على تنزيل اسعار المشتقات النفطية ، وصفقنا لها عندما بادرت للدخول بقوة على ملف البورصات العالمية لحماية مواطنيها.. وصفقنا لها في كثير من المواقف التي رأينا انها جادة من خلال هذه المواقف ، في خدمة البلاد والعباد ، ولكن للاسف عندما نرى اليوم الحكومة نفسها تتخلى عن جزء من دورها لحفنة من التجار ، وترك الناس وكأنهم الايتام على مائدة اللئام فاننا نستهجن هذا الموقف ونستغرب هذه السلبية التي تمارسها وزارات ومؤسسات حكومية معنية بحماية المواطن وامن المجتمع ، الذي قلنا اكثر من مرة انه جزء من منظومة الامن الوطني. ما حدث امس في عمان وفي كافة مدن الاردن وقراه ، من اختفاء متعمد للمحروقات نتيجة «حرد» معظم اصحاب محطات الوقود ، واتخاذ الحكومة موقف المتفرج ، يؤشر على خلل كبير في الامور.
لقد شاهد الناس امس مناظر كانوا يشاهدونها عبر الفضائيات ، عن دول متخلفة تسودها الفوضى ولم يخطر ببال احد ان يحدث هذا لدينا ، ونحن دولة المؤسسات والقانون.. هل من المعقول ان يترك الناس بين مخالب التجار ينهشونهم كيفما شاءوا ، والحكومة تتمنى على هؤلاء - لاحظ تتمنى - تنزيل الاسعار او توفير المواد الاستهلاكية للناس. في عرفنا المتمني لا يملك من امره شيئا ، ونحن نربأ بحكومتنا ان تكون لا تملك من الامر شيئا ، وهي الحكومة ذاتها التي سجلت خطوات ايجابية وملموسة تجاه الناس منذ عام.
المطلوب الان وفورا ، ان تستعيد المؤسسات الحكومية زمام المبادرة لحماية مواطنيها وامنهم ، وعدم الخضوع لابتزاز حفنة من التجار لا يراعون حق الله في الناس والوطن.. لقد سئمنا مناظر الوزراء على الشاشات وهم يناشدون هؤلاء التجار تنزيل اسعار السلع الاستهلاكية ، وها هي الامور تطورت اليوم لمناشدتهم توفير البضائع ، لا فقط تنزيل اسعارها.
احد الاصدقاء امس قال لي اني تخيلت نفسي وانا اشاهد السيارات المقطوعة من البنزين والباصات من الديزل على الطرق ، انني في الصومال او اي دولة من تلك الدول التي نسمع عن الاوضاع المزرية فيها ، والفوضى الطاغية على مؤسساتها.
نطالب الحكومة بان تسارع لاستعادة المبادرة واعادة الامور الى نصابها ، قبل ان يفلت الزمام وحينها لا فائدة من الندم ، وعليها ان تحافظ على شعبيتها التي كسبتها على مدار الشهور الماضية نتيجة شعور الناس انها ملتصقة بهمومهم وغير بعيد عنهم ، وانها تستحق التصفيق بالفعل وعدم دفع الناس الى الحنين الى الاحكام العرفية،،
( الدستور )