يوثّق الاردن مع الشقيق السعودي هذه الأيام شراكة مميزة عربية، بعد سلسلة شراكات شملت القوى الكبرى الغربية من أميركا الى اليابان، وتعدتهما الى الصين. وصار من اللازم تقديم تجربة جديدة في العالم العربي اختار العاهل السعودي وشقيقه عبدالله الثاني ان تكون في الاردن.
اليوم سنشهد عقد الشراكة الجديد بايجاد صندوق مشترك يموّل شركة قابضة عملاقة لاستثمار مئات الملايين من الدولارات في مشروعات تنموية محددة. فقد انتهى عصر «الشرهة» وكان الراحل عبدالله بن عبدالعزيز متحمسا لانضمام الاردن والمغرب الى عضوية التعاون الخليجي، وكان وراء الإلحاح على دعم البلدين العربيين. وجاء خليفته ليوفي بوعد أخيه وليتحرك في الاتجاه ذاته لكن بطريقة مميزة هي الشراكة بالخير، والحرية، والكرامة.
بعد الحرب العالمية الثانية، وجدت الولايات المتحدة ان خراب الحرب طال أوروبا المنتصرة والمهزومة على السواء. فكان «مشروع مارشال» الذي رصدت له واشنطن مليارات الدولارات، لاعادة بناء القارة شرط - كما مشروع سلمان عبدالعزيز - أن تشارك الدول المعنية في التمويل بوسائل مختلفة. ولم يكن مشروع مارشال محدداً بأوروبا الغربية، لكن السوفيات رفضوا المشاركة فيه، واختاروا تحالفاً شيوعياً شمل كل دول أوروبا الشرقية التي كان لها «الكوميكون».
وككل ظروف الحرب الباردة، فقد انقذ مشروع مارشال ليس اقتصاد فرنسا وايطاليا وبلجيكا وهولندا ولكمسبورغ، وانما انقاذ البلدين الاكبر، من وصول الشيوعيين الى الحكم.
نشعر في الاردن، ان ترتيب علاقاتنا مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي، على اساس هذا النمط من الشراكات افضل واكرم واكثر جدية من مساعدة «الشقيق الفقير» الذي يبحث عن وسيلة يقدم فيها للسوريين والفلسطينيين وكل الذين يعيشون على أرضه حياة كريمة نسبيا. فنحن محاصرون من ثلاث جهات من سوريا حيث لا دولة ولا حدود، ومن عراق تسيطر داعش على كل حدوده الغربية، ومن اسرائيل تمنع تواصل الفلسطينيين والاردنيين بتحويل الضفة الفلسطينية الى معازل، كمعازل جنوب افريقيا في ظل الابارتهايت، ففلسطين «عرب اسرائيل» تختلف عن فلسطين رام الله، وتختلف عن القدس، وعن شمال الضفة وعن جنوبها وعن الاغوار، وهناك اكثر من سور، واكثر من نظام حياة.
نبدأ باسم الله، وببركات العروبة الصادقة، ونبدأ ببناء ميناء الشراكة القومية والانسانية حيث ترسو سفن المصالح والمصير الواحد.
الرأي