إبراهيم الأقطش يخترع مولدا للطاقة يعمل على الماء
27-03-2017 08:12 PM
عمون - قرر إبراهيم خليل الأقطش أن يبدد ظلام منطقة الهيدان في لواء ذيبان- محافظة مادبا، وفق قاعدة "أن تُنيرَ شمعةً خيرٌ من أن تلعنَ الظلامَ"، من دون ضجيج الإعلام وبهرجة المسؤولين، فاخترع مولداً للطاقة، صديقاً للبيئة، ويعمل على الماء.
لعل الأقطش كغيره من شباب اللواء الذين لم يجدوا البيئة الخصبة للعلم وللتّعلّم، ولعله أيضاً كغيره من الموهوبين الذين وُئِدت مواهبهم لانعدام من يتولّاها و يرعاها، هو كغيره من الفقراء ممن آثروا زراعة الأرض وبذارها وحصادها، فتحسبهم أغنياء من التعفّف لا يسألون الدولة والمسؤولين إلحافا، تعرفهم بخشونة أيديهم وسمرة جباههم بعد أن لفحتهم الشمس بسياطها.
ما قام به الأربعيني ( أبو نزار ) من صناعة مولد للطاقة يعمل على الماء يفوق كثيرا من البحوث والدراسات الجامعية التي تظل تدور في فلك التنظير ولا ترتقي إلى مستوى التطبيق، لا بل إنه يفوق كثيرا من الكتب التي لم تنفع سوى المطابع، ما صنعه كان نتاج حاجة وفكر وتخاذل رسمي مقصود.
ببساطة، عندما يُخلص الآخرون في خذلانك فعليك أن ترعى نفسك وتقوم على شؤونها، فمن صنعوا المعجزات هم فقط آمنوا بما يفعلونه، وكذلك فعل أبو نزار.
أما الحاجة : فقد بات من المسلم به لدى الجميع أن منطقتي مليح وذيبان من المناطق المهمّشة والمهشّمة من قبل الحكومات المتعاقبة، ويُراد لهما أن تظلا قابعتين في مؤخرة ليس المدن فحسب بل والقرى أيضا.
اختراع الأقطش يقودنا للحديث عن منطقتي (الوالة والهيدان) اللتين تُعدّان من أكثر المناطق الزراعية إنتاجا للخضار، وفيهما كل المقومات الطبيعية التي من شأنها أن ترفد السوق بكل أصناف الخضار، لكنهما يرزحان تحت جبال من الفقر والعوز .
تشكل الوالة والهيدان مصدرا للرزق لكثير من أهالي المنطقة، وهي مأمٌ ووجهة سياحية لكثير من الناس، وعلى الرغم من ذلك فما تزال منطقة الهيدان تحت ظلام دامس؛ نتيجة عدم وصول الكهرباء إليها؛ ما يبقي الزراعة في طورها التقليدي، ويدفع المزارعين للاعتماد على المشتقات النفطية في سقاية مزروعاتهم؛ ما يحمّلهم تكاليف باهظة، قبل أن يدفعهم إلى العزوف عن الزراعة واللجوء إلى مؤسسات الدولة بحثا عما يسد الرمق.
في خضم كل تلك المعيقات التي وجد المزارعون أنفسهم رهينة تطوراتها وارتداداتها، لم يستسلم الأقطش، ولم يفكر بهجر أرضه ومزرعته، أو حتى بمزاحمة الآخرين على مؤسسات الدولة، بل شرع يجمع الحديد إلى الحديد وينفق الوقت والمال حتى استوى له ما لم يستوِ لكثير من الباحثين والعقول الكبيرة، فصنع مولدا للكهرباء يعمل على ضغط الماء، ويولد 3 فاز من الكهرباء التي تمكنه من إضاءة منزله الذي يقع في ظلمة الليل وظل الجبال .
ندرك أن التخاذل المقصود يأتي تعبيراً عن عدم تجاوب مؤسسات الدولة لكل المطالب والصيحات في إيصال الكهرباء إلى وادي الهيدان، وكأنه قدر الناس هناك أن يقلعوا أشواكهم بأيديهم، وأن يواجهوا حياتهم بكل نقصانها، وأن يتعايشوا مع تخاذل المسؤولين ممن أكلوا من خيرها ثم استداروا بحثاً عن غيرها.
نريد أن نرى اهتماماً رسمياً بتجربة الأقطش، اهتماما يؤكد لنا أن الدولة ستلتفت إلى سهر الناس وتعبهم، نريد أن نفتح نافذة من أمل ليس للأقطش فقط، بل لغيره ممن يمتلكون أفكاراً بقيت حبيسة رؤوسهم، ولا أفق أمامها للنور.