في الواقع فقدت القمم العربية في عقد التسعينيات بريقها الذي كانت عليه في السابق ، ففي الستينيات والسبعينيات والثمانينيات كان العرب مازالوا قادرين على الاستفادة من الثنائية القطبية ، وكان النظام العربي الرسمي فى تلك الحقبة ورغم الاختلافات الموجودة في ثناياه قادرا على الامساك ببرنامج القاسم المشترك او برنامج الحد الادنى والذي كان على الدوام يتمثل في دعم القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني.
وفي جيل الكبار من امثال الحسين بن طلال طيب الله ثراه وجمال عبد الناصر وانور السادات ومبارك وملوك السعودية او صدام حسين او الشيخ جابر الاحمد والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات او حافظ الاسد او الحبيب بو رقيبة او هواري بومدين او الحسن الثاني والشيخ زايد بن نهيان رحمهم الله جميعا ، في زمن هؤلاء كانت القمم رغم الخلافات العربية – العربية تملك القا خاصا بها وتشكل املا لدى العامة من الجمهور العربي ، لكن قمم ما بعد الالفية الثانية اصبحت اشبه ما تكون بلقاءات المجاملة رغم ارتفاع منسوب التحديات الخطيرة التي واجهت ومازالت تواجه النظام الرسمي العربي ، فتلك القمم عاصرت « زمن انهيار النظام الرسمي العربي « بدءا من احتلال العراق مرورا بما سمي « بالربيع العربي « وما نتج عنه من احتلال ايراني كامل للعراق ولسوريا وتحول ليبيا الى صومال اخرى وتحول اليمن لدولة على شفا المجاعة ، والاخطر تحول القضية الفلسطينية التي كان يطلق عليها قضية العرب الاولى الى قضية منسية من الممكن والمنطقي ان استمر الحال على ما هو عليه ان تصبح « اندلسا اخرى « تبكيها الجامعة العربية باسم الامة على غرار بكاء عبد الله الصغير على فقدان الاندلس.
في ذهن الاردن الذي يستضيف القمة الحالية كل هذا التاريخ ، وقد اعتاد الاردن على اعتماد المعايير الواقعية في كل ما يتعلق بوضعه الداخلي و علاقاته الخارجية ، ولذلك وجد العقل المركزي للدولة الاردنية ممثلا بجلالة الملك عبد الله الثاني ان البدء باعطاء الثقة الشعبية بمؤسسة القمة العربية هو باعادة القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب المركزية الى واجهة الاحداث ومنع التشويش عليها ولهذا يمكن القول ان قمة البحر الميت العربية هي قمة « القضية الفلسطينية « الاولى بعد قمة الجزائر عام 1988 والتي تبنت الانتفاضة واعترفت بالدولة الفلسطينية التي اعلنها المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في ذات العام.
واستطيع القول ان قدر الاردن ان يكون على الدوام حاضنة لفلسطين والقدس وحاضنة للنضال الفلسطيني وميزته انه لم يفرض يوما سيطرة او تبعية او يؤسس حركة او حزبا تابعا له ، وعندما حاولت قوى اقليمية معينة اضعاف الاردن بعد التآمر عليه بعد حزيران 1967 ، واعتبار الحالة الفلسطينية قادرة على امتلاك زمام امورها ، لم يتردد الحسين طيب الله ثراه في الموافقة على المقترح العربي بقمة الرباط عام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ، كان الحسين وقتذاك متفهما لطموحات القيادة الفلسطينية في تمثيل الشعب الفلسطيني رغم علمه ان اغلبية الشعب الموجود في الضفة الغربية كان يرفض نكران « حالته « الاردنية التي تعايش معها وتماهى فيها.
الحالة ذاتها تكررت بعد مؤتمر مدريد ، واتفاقية اوسلو ، فالحسين ورغم مرارة التفاوض السري من وراء ظهر الوفد المشترك الا انه بارك اوسلو ودعمه.
وعبد الله الثاني ابن الحسين يسير على ذات النهج فهو يعتقد ان انهاء الخلاف الفلسطيني- الفلسطيني ، و تعزيز العامل الذاتي الفلسطيني – بالتعاون مع العامل العربي ، هو الاساس في حماية القضية الفلسطينية ودعمها ولكن كيف ؟
اعتقد ان من حق العرب على قضيتهم المركزية ما يلي :
اولا: ان يستمع رئيس السلطة لوصفة المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية ( مشروع الرباعية العربية ) وان يتعامل معها باعتبارها تدخلا « حميدا « وضروريا.
ثانيا: على القمة العربية تحديد سقف ومحددات التفاوض الفلسطيني مع اسرائيل ومنع تقديم اية تنازلات تخل بمبادرة السلام العربية المقرة ببيروت عام 2002 ومنع السلطة من قبول اية مفاوضات في ظل استمرار الاستيطان وربط موضوع التنسيق الامني بوقف الاستيطان وسياسات تهويد القدس وغيرها من السياسات القمعية التي تمارس ضد الفلسطينيين.
ولكن هل تستطيع السلطة فعل ذلك ام لا ، هذا هو السؤال ؟؟؟
Rajatalab5@gmail.com
الرأي