الأردن والسعودية .. الانموذج العربي
العين عيسى حيدر مراد
26-03-2017 11:01 PM
الفرحة واضحة في قلوب الاردنيين لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية للأردن ولقائه اخيه الملك عبد الله الثاني، في دلالة واضحة على عمق الترابط الشعبي بين البلدين الشقيقين، والعلاقة الأخوية بين القيادتين التي تجمعهما من عوامل الترابط والتكامل ما يجعلها انموذجا حقيقيا في العلاقات بين الدولتين.
العلاقات الاردنية السعودية مثال يحتذى للتعاون العربي في جميع المجالات، وهي صورة مشرقة يمكن البناء عليها لتعزيز العمل العربي المشترك، وتفعيل الاتفاقيات والقرارات العربية بهذا الشأن.
هناك اهتمام متزايد من قبل الجانبين الاردني والسعودي على كافة المستويات للارتقاء بالعلاقات الثنائية، وخاصة الاقتصادية منها بما يخدم المصالح المشتركة, ويعظم الاستفادة من الروابط الأخوية والتاريخية بين البلدين، والدور الكبير الذي يقوم به القطاع الخاص في كلا الجانبين، لزيادة آفاق التعاون الاقتصادي، والعمل على تعزيز التجارة البينية، وإقامة مزيد من المشاريع الاستثمارية.
الاردن كان على الدوام يقدر ويثمن لدول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية على الدعم المستمر الذي تقدمه للمملكة، لتمكينها من مواجهة التحديات، ومساعدتها على تنفيذ الاصلاحات الشاملة التي بدأتها منذ عدة سنوات وخاصة في المجال الاقتصادي، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
المساهمة السعودية في الصندوق الخليجي للتنمية لدعم المملكة، كان لها الأثر الكبير في دعم الاقتصاد الوطني، وتنفيذ مشاريع ذات أولوية، والان تدخل العلاقات الاقتصادية منحى مؤسسي جديد من خلال صندوق الاستثمار وإنشاء الشركة الأردنية السعودية القابضة التي من خلالها ستكون انطلاقة لباكورة استثمارات مشتركة بين البلدن بما يساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي ويعزز رفاهية وامن مواطني البلدين .
لاشك ان مجمل المساعدات السعودية احدث اثرا مباشرا على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في القطاعات المستهدفة، وتحسين البنى التحتية الاساسية الى جانب تنشيط بيئة الاعمال، وتحريك مختلف الانشطة من خلال تنفيذ المشاريع الرأسمالية الممولة من المنحة الخليجية ككل والمساعدات السعودية الأخرى.
السعودية هي الشريك التجاري الأول والاهم بالنسبة للمملكة، فحجم تجارة البلدين العام الماضي بلغ5مليار دولار، في حين تحتل السعودية المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والعراق بالنسبة لحجم الصادرات، وتأتي أولا من حيث المستوردات، فمعظم احتياجات الأردن من النفط الخام يتم تلبيتها من السعودية، وأهم السلع المصدرة اليها الأدوية وأجهزة تكييف والمحضرات الغذائية.
إن حجم الاستثمارات السعودية المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار بلغ منذ اقرار القانون عام 1995 حتى نهاية العام 2016 حوالي 3 مليار دولار ليشكل ما نسبته 54 بالمئة من استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي.
ان الأردن وبقيادة جلالة الملك, يولي اهمية كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي مع السعودية بقيادة اخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وقد تم حديثا انشاء مجلس اعمال سعودي أردني مشترك بين كل من غرفتي تجارة وصناعة الأردن من جهة، وبين مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية من جهة أخرى، لدفع التبادل التجاري والصناعي والاستثماري بين البلدين الشقيقين، ودعم العلاقات الاقتصادية.
نحن والاخوة في الشقيقة السعودية على اتصال وتوافق دائم في مختلف قضايا المنطقة، وتنسيق على أعلى المستويات، لتطوير علاقاتنا الاقتصادية والسياسية، ونريد لهذه العلاقات ان تكون دعامة للعمل العربي المشترك وصولا الى تحقيق التكامل المنشود في جميع المجالات.
ولا ننسى ان الاردن والسعودية يدفعان بقوة ايضا باتجاه تنفيذ قرارات القمم الاقتصادية العربية، من أجل تحقيق الحلم العربي بالوصول الى انشاء السوق العربية المشتركة بحلول العام 2020.
لطالما كانت المملكة العربية السعودية على مدى العقود الماضية، الداعم الأكبر للاقتصاد الأردني، وفي الأزمات كانت المساعدات السعودية هي من اهم الداعمين للمملكة، والكل يتذكر الوديعة السعودية البالغة 200 مليون دينار عقب أزمة الدينار سنة 1989، والجميع يعلم أنه بعد انقطاع النفط التفضيلي العراقي عن الأردن عقب سنة 2003، كان النفط السعودي هو البديل عن ذلك، حيث حصل الأردن لمدة ستة أشهر على 100 ألف برميل نفطي كمنحة، ثم تحولت الى مساعدات مختلفة الأشكال .
في الحقيقة، إن المملكة العربية السعودية لم تبتعد عن الاقتصاد الأردني وأزماته أبدا، بل على العكس كانت الأقرب للمملكة في مختلف الظروف السياسية والاقتصادية، سواء أكانت محلية أو إقليمية أو دولية.
الآن تدخل العلاقات الاقتصادية الأردنية السعودية مرحلة جديدة من التعاون المؤسسي، وتستعد المملكتان الاردنية والسعودية في ظل قيادتهما الحكيمتين الى تأطير العلاقات الاقتصادية بينها ضمن مؤسسة رسمية تعنى بالنهوض الاقتصادي في علاقات الدولتين، عن طريق صندوق الاستثمار.
التطور في العلاقات الاردنية السعودية يكمن هذه المرة في الخروج من الاطار التقليدي الذي استمر لعقود والمتمثل في دعم الاردن ماليا بشكل مباشر الى توسيع أطر التعاون الاقتصادي ليشمل العملية الاستثمارية، كما يتطلع الاردن إليه ليكون الداعم الرئيسي لعملية التنمية الشاملة في المملكة.
تعزيز الاستثمار السعودي في المملكة هو وسيلة فاعلة وناجحة ، لأنها تؤسس لإطلاق مشاريع وخطط تنموية لطالما كان تنفيذها يشكل العقبة الرئيسية أمام راسم السياسة الاقتصادية في الاردن، بسبب ظروف مختلفة اهمها ضعف استقطاب التمويل الاجنبي لها، وتردد المستثمرين في بعض الاحيان، ناهيك عن الظروف الاقليمية والدولية التي لا تساعد على استقطاب الاستثمارات الاجنبية اليها.