طبق بيض يساوي حياة (50) طالبا
د. بشير الدعجة
25-03-2017 09:10 PM
اتصلت مديرة احدى المدارس الخاصة في العاصمة عمان معي و المرارة و البكاء و التعجب و الغضب شعارها، فسردت لي القصة الدراماتيكية التالية مع نقطة شرطة مريغة في محافظة معان.
تقول المديرة: ان المدرسة خرجت يوم الخميس الماضي برحلة مدرسية الى منطقة البتراء ووادي رام بحمولة باص (50) طالبا مع مشرفيهم ومديرتهم وسائقهم، ولدى وصولهم الساعة الثانية والنصف ظهرا تقريبا الى منطقة المريغة وامام نقطة الشرطة اوقفتهم دورية شرطة تابعة للنقطة تبعد امتارا قليلة عنها، فطلب الضابط البطاقات الشخصية لكل المتواجدين في الباص، فأبلغته المديرة انهم طلاب اعمارهم ما بين (13-16) عاما وليس لديهم بطاقات شخصية، وسلمت الضابط بطاقتها والمشرفين وسائق الباص.
ولدى التدقيق الامني عليهم تبين ان سائق الباص معمم عليه ومطلوب للحاكم الإداري بسبب إتلاف "طبق بيض" حسب ما ابلغها الضابط وعلى الفور قاموا بتقييده واضعين القيود بيديه امام الطلبة مما سبب الخوف والهلع والبكاء لهم، وتم اصطحابه الى نقطة الشرطة.
وطلبت المديرة منهم تكفيله لتوصيل الطلاب بأمان الى عمان الا ان الضابط رفض ذلك، عندها طلبت منه ان يقود السائق الباص وتحت حراسة رجال الامن من النقطة وتوصيل الطلاب الى وادي رام ومن ثم يعود السائق مع حرسه الى نقطة شرطة المريغة لاتخاذ الاجراءات اللازمة بحقه، الا ان الضابط ايضا رفض ذلك، فطلبت من الضابط تأمين الطلاب بأية طريقة الى منطقة وادي رام حتى لو عن طريق تأمينهم بسائق اخر مقابل دفع اجرته، الا ان الضابط استمر بالرفض، وفي كل مرة يقول للمديرة (هذه مشكلتك و ليست مشكلتي) رافضا المساعدة حتى جلوسهم وتجمعهم تحت المظلة القريبة من الدورية رفض الضابط تجمعهم فيها ولم يسمح لهم بالدخول داخل النقطة لحمايتهم من حوادث الدهس، فطلب منها دخولهم الى حافلة المدرسة المتواجدة على الشارع العام، فأخبرته ان وجود الحافلة وهم بداخلها وبشكل وقوف تام على شارع سريع وتمر به الشاحنات المسرعة يشكل خطرا كبيرا على حياتهم جميعا وعلى الحافلة كون سائقي الشاحنات الذين يستخدمون هذه الطريق منهكين جسديا ونفسيا ومعروفون بعدم التركيز والانتباه جراء المسافات الطويلة التي يقطعوها في قيادة هذه الشاحنات.
كما اخبرته انها لا تستطيع السيطرة عليهم جميعا و اجبارهم على عدم النزول من الحافلة، فأخبرها انها ليست مشكلته.
وتضيف المديرة انه تم الانتظار لمدة اربع ساعات في البرد و خطورة الطريق حتى السابعة ونصف مساء الى ان قدم سائق بديل من عمان واصطحب الطلاب ووصلوا عمان عند صلاة الفجر بتأخير أكثر من(10) ساعات.
اضع هذه الشكوى والملاحظة على مكتب عطوفة مدير الامن العام اللواء الركن احمد الفقيه مذكرا اياه بأن احد محاور الرسالة الملكية الموجهة اليه (ان المراكز الامنية هي الملجأ والملاذ الآمن للمواطن عند الحاجة اليها)، فهل هناك حاجة للطلبة اكثر من هذه الموقف؟!
الم يعلم هذه الضابط ان اول واجب له – حسب قانون الامن العام – هو حماية ارواح و اعراض المواطنين؟!
هل هنالك اكثر من هذه الموقف يحتاجه الطلاب ومشرفوهم ومديرتهم من أمن وحماية في منطقة مقطوعة ؟ وهل طبق البيض المعمم عنه اهم من ارواح (50) طالبا من فلذات اكبادنا ومشرفيهم ومديرتهم كانوا في اي لحظة معرضين لخطر الدهس من قبل الشاحنات المسرعة جراء تواجدهم على جوانب الطريق؟!
لماذا لم يسمح الضابط لهم بالتجمع تحت المظلة او ادخالهم الى نقطة الشرطة للمحافظة على ارواحهم ؟! ولماذا لم يتم تكفيل السائق لتوصيل الطلاب؟ والكفالة عادة تتم في جرائم اخطر واكثر اهمية من اتلاف طبق بيض ؟!
فضلا يا باشا عن القلق والخوف والترقب الذي سيطر على اهالي الطلاب غير مصدقين ان سبب تأخرهم هو اتلاف (طبق بيض) بل تبادر الى اذهانهم ان فلذات اكبادهم لديهم مشكلة اكبر من ذلك قد تصل الى تعرض احدهم او مجموعة منهم للدهس او حادث سير .
و اتساءل هل الباشا فعلا استطاع و فريقه الاعلامي افهام مرتبات الامن العام محاور الرسالة الملكية وخاصة احترام المواطن وحمايته وهضموها جيدا ؟ ام ان فريقه الاعلامي ما زال يتسابق ويتنافس على الظفر بمصاحبة الباشا في زياراته المكتبية والميدانية، لأخذ بريق الكاميرات التلفزيونية والفوتوغرافية متناسين ومتغافلين عن واجباتهم التثقيفية والارشادية والتوعوية لجماهيرهم الداخلية ؟!!!!.
الدكتور بشير الدعجة الناطق الاعلامي السابق للأمن العام