القمة العربية .. امال وتطلعات
د. هايل ودعان الدعجة
25-03-2017 12:48 PM
تعكس استضافة الاردن للقمة العربية القادمة التقدير الذي يوليه الأشقاء العرب لبلدنا ، والنظر إليه كحل مرضي وتوافقي تجمع عليه كافة الأقطار العربية في ظل علاقاته الأخوية القوية والمميزة التي تربطه بهذه الأقطار . وما يميز الدور الأردني العروبي صلاته وعلاقاته ووقوفه على مسافة واحدة من جميع الأشقاء ، بطريقة جعلت منه قاسما مشتركا ومقبولا عند الجميع . الأمر الذي استغله الأردن ووظفه في تعزيز وحدة الصف العربي والحرص على الأمن القومي العربي وتنقية الأجواء العربية عبر محاولاته الإبقاء على القضايا العربية والتعاطي معها في إطار البيت العربي الداخلي ، بعيدا عن التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية الهادفة إلى تكريس الخلافات والتوترات والانقسامات والصراعات بين ابناء الأمة الواحدة . وكثيرا ما أثمرت جهود المصالحة الأردنية عبر توسطه بين الأشقاء على رأب الصدع وحل الخلافات بينهم إيمانا من الأردن صاحب المشروع القومي العروبي وحامل رسالة الثورة العربية بأهمية تعزيز أواصر الإخوة والمحبة بين ابناء الأمة ، وبما ينسجم مع دوره في الاجماع العربي .
ان المكانة الدولية المرموقة التي يحتلها جلالة الملك عبد الله الثاني والدبلوماسية الأردنية الناجحة التى يقودها جلالته ، والتي اسهمت بوضع الأردن على خارطة السياسة العالمية على وقع الصدقية والاحترام والثقة التي يحظى بها ، ومواقفه وطروحاته المتزنة والوسطية والمعتدلة في التعاطي مع القضايا والملفات الإقليمية والدولية ، ستجعل من جلالته خير سفير ومتحدث باسم الأمة في العالم في ظل الدور المحوري الذي يلعبه في المنطقة وتسليطه الضوء على قضاياها الحيوية والاستراتيجية . وليس أدل على ذلك من اللقاءات التي عقدها جلالته في موسكو ولندن وواشنطن حيث كان أول زعيم عربي يزور الولايات المتحدة بعد تنصيب دونالد ترامب رئيسا وقد اعتبرت الإدارة الأميركية جلالة الملك شريكا للبدء في إعادة بناء استراتيجية أميركية جديدة في الشرق الأوسط وقد يقوم بدور الوسيط بين الدول العظمى حول قضايا المنطقة في ظل التقارب بين أميركا وروسيا. وكلها عوامل إيجابية ستعزز من فرص نجاح القمة ومتابعة قراراتها ونتائجها عبر التواصل مع الأطراف ذات العلاقة .
ان الامال والتطلعات التي تعقدها الشعوب العربية على هذه القمة كبيرة ، لجهة رأب الصدع وتنقية الأجواء العربية عبر تحقيق مصالحات وتسويات سياسية وتوافقات وتفاهمات وتقاربات في الرؤى ووجهات نظر القيادات العربية ، حيال الازمات التي تشهدها بعض الأقطار العربية ، بما يضمن استقلالية القرار العربي ، والتعاطي مع هذه الازمات في اطار البيت العربي الداخلي . فالدول العربية مطالبة في اثبات حضورها في المنطقة والعالم في ظل ما تتحلى بها من عناصر ومصادر قوة ، قادرة من خلالها على إيجاد حالة من التوازن مع قوى إقليمية مؤثرة في المنطقة ، كتركيا وايران وإسرائيل ، وان تعطي لنفسها هامش حركة ومناورة أوسع في علاقاتها مع الأطراف الدولية الفاعلة في الساحة العالمية من خلال التنوع في تحالفاتها وعلاقاتها الخارجية ومصادر تسليحها ، وان تستثمر أجواء المنافسة بين اقطاب النظام الدولي وفواعلة كالولايات المتحدة وروسيا والصين ودول أوروبا ، وتعمل على إعادة ترتيباتها وحساباتها واولوياتها ، بما يخدم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية ، ويعزز من حضورها وقوتها وامنها واستقرارها .
ان القمة العربية مطالبة بايلاء البعد الافتصادي والتنموي الأولوية على جدول اعمالها في ظل ما تنعم به المنطقة العربية من خيرات وموارد بشرية وطبيعية واقتصادية ومالية ، كفيلة بتحقيق التكامل الاقتصادي العربي . ومراعاة الاهتمام بالتجارة والاستثمارات البينية التي ما تزال في مستويات متواضعة ، إذ لا تتجاوز التجارة البينية 15% من مجموع التجارة العربية ، في حين ان الاستثمارات البينية اقل من 25% من مجموعات الاستثمارات العربية . وهي مناسبة للحديث عن القمة التاريخية المرتقبة التي ستجمع جلالة الملك عبد الله الثاني واخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود ، والتي نعول عليها في طرح مبادرات سعودية تسهم في دعم الاقتصاد الأردني ، وتعزيز سبل التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين الشقيقين ، تفعيلا لصندوق الاستثمار ، الذي يرسم العلاقة الاستثمارية مع المملكة العربية السعودية في مشاريع تنموية كبرى ستقوم باستثمارها في الأردن ، كالسكك الحديدية والربط الكهربائي وانابيب نقل النفط وتطوير البنية التحتية في الأردن واي مشاريع أخرى يتوافق عليها الطرفين في اطار مجلس التنسيق الأردني السعودي ، وذلك انسجاما مع المبادرات السعودية الكريمة المعتادة في تقديم المساعدات المالية والاقتصادية الى الأردن ، تعبيرا عن وقوفها الى جانب بلدنا في مختلف الظروف والاحوال الصعبة التي كان وما يزال يمر بها الأردن . دون ان نغفل المواقف المشتركة بين البلدين الشقيقين في التعاطي مع التحديات والمخاطر الأمنية التي تشهدها المنطقة العربية من خلال مشاركة الأردن في التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن ، تأييدا للشرعية ودعمها في وجه خطر المخلوع علي عبد الله صالح والذراع الطائفي الإيراني ممثلا في جماعة الحوثي في اطار عاصفة الحزم . إضافة الى مشاركة الأردن والسعودية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب ، ومشاركتهما في مفاوضات جنيف وفينا ومجلس الامن بشأن الازمة السورية من منطلق حرص قيادة البلدين على الامن القومي العربي .