كظاهرة متوارثة وكبرمجة في عقولنا، أصبح النواح حرفة من ليس لديه عمل في الأردن، أصبحنا شعباً مستثارا يثيره سعر القشة إذا ما ظن أنها ارتفعت، مما رسّخ لدينا مبدأ الثورة الذاتية المستعرة والتي لم تجد نفعاً؛ فالأردني إذا لم يجد ما يثور عليه، ثار على نفسه ومن حوله.

نحن شعب تربطه أواصر المحبة، والحميمية، والفزعة؛ ولكن الرسالة لم تصلنا بعمق الرؤية التي ينظر لها ملكنا للأمر.

لدينا مَلكٌ اسمه (عبدالله) نضاهي بعقله العالم كله، هذا الرجل أنا أحبه بصدق وأحب فكره جداً، وليس لي أي غرضٍ من حبه لأنني نجمةٌ في سماء الامارات الآن، حقاً إنني أرى في وجهه مستقبلاً رائعاً لأردننا، ولكننا اعتدنا على المعارضة، والمقاومة، وعدم القبول والتقبّل، والشكوى.

أدري ماذا تقول أيها الشاكي الذي تقرؤني، تقول أنني في حالة استقرار مالي ومعرفي ولا أعاني لذا أتحدث من باب الترف والرفاهية، ولكن الحقيقة مختلفة، نعم مدتني الغربة بالمال ولكنها زودتني بوقت كاف لمراقبة المشهد عن بعد، لتتشكل رؤيتي واضحة راسخة. وعانيت قبلك وتألمت قبلك وبقيت على حالتي التي ازدادت سوءًا فيما قبل عندما كنت أندب حالنا، وما أن فقت اتضحت لي الرؤية التي أكتبها الآن.

الأردني الفاضي ولو قليلاً يستثمر وقته في الشكوى من الحال، والنواح على حظه العاثر والأنيين الذي يفزع العقول؛ لا وقت للفكر فالوقت للنواح.

وإذا ما ارتفع سعر أي مُنتج استهلاكي يظن الأردني أن المسألة شخصية ويبدأ بالهجوم المفرغ من الفكر من الرؤية فقط بهدف الهجوم، المعارضة بهدف المعارضة وليس بهدف الحل، كل هذا لتعزيز قوة (الأنا ) الخارقة التي يمتلكها الأردني، نعم .. نحن شعب يمتلك الأنا بقوة؛ وما الأنا إلا زيف عقلي وخدعة تجعل أي مساءلة على صدام شخصي بك.

ينتظر الأردن مستقبل مشرق أراه بوضوح، فقط علينا أن نتقبل ونمضي بهدوء، ونُقبل على الحياة بحبٍ وعمل وولاء ينبع من عطائنا لأردننا وليس ولاء الفوضى والرفض والاعتراض. 

علينا أن نعمل على ذواتنا الفردية، أن ننمو ونطوّر أنفسنا وحرفتنا وعملنا، وأن نبتعد عن مشاعر الفزعة والتي هي مؤقته خامدة، علينا أن نعمل لنواكب الأمم، والمساءلة تبدأ من أعماقك أنت تحديداً بأن تتطلع إلى ذاتك، ماذا قدّمت لبلدك الذي تصيح من أجله...؟!

كل ما علينا أن نعمل على ذواتنا، ونقدّم لأردننا، ونوقف النُواح.

Yara_owies@hotmail.com