لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
اسعد العزوني
22-03-2017 06:20 PM
وحتى اللحظة لم أعرف عن أي معركة كانوا يتحدثون ، ويشحذون أبواق إعلامهم الفارغ ، وهم المنهزمون دوما والمنسحقون على الدوام ، وما خاضوه من مواجهات مع جيش مستدمرة إسرائيل ، كان ممسرحا ومتفقا عليه لتسليم ذلك الجيش المزيد من الأراضي للسيطرة عليها من أجل توسيع مستدمرة إسرائيل الخزرية المتصهينة.
كان هذا الشعار العربي ، هو السائد منذ قيام مستدمرة إسرائيل بمباركة وإسهام رسمي عربي جليين حتى تسعينيات القرن المنصرم التي شهدت إنعقاد مؤتمر مدريد للإستسلام، حيث خرجوا علينا بشعار جديد هو أن السلام أصبح خيارهم الإستراتيجي ، وقد إبتدعوا لنا الكثير من العلامات الدالة على ذلك ، مثل رغبتهم في التنمية وحقن دمائنا ، وإرتكزوا على شعار : الأرض مقابل السلام ، وهذا هو شعار مستدمرة إسرائيل ، عندما ركعوا تحت أقدام رئيس وزراء مستدمرة إسرائيل إسحق شامير الذي ذهب إلى هناك مكرها ، بعد أن أثبت له رئيس الولايات الأمريكية المتحدة آنذاك جورج بوش الأب ، أن أمريكا هي صاحبة القرار النهائي في المسائل الإستراتيجية ، ورفض منحه قرضا بعشرة مليارات دولار وأوقف مشروع طائرة ليفي بعد أن اخبره الخبراء الأمريكيون أنه يلحق الضرر بأمريكا .
بعد هذا الشعار الذي أثبت عقمه ظهر علينا شعار : المستدمرات مقابل السلام ، وتعمق الإنزلاق العربي في المفاوضات وإتسعت دائرة الأنظمة العربية التي كانت تشبك سرا مع إسرائيل ، وبعد ذلك قالوا لنا أن المفاوضات المفتوحة هي الطريق إلى السلام ، وولدت من رحمه اللجنة الرباعية الدولية التي أثبتت أنها تحقق مصالح مستدمرة إسرائيل ، وأخيرا ألقت مستدمرة إسرائيل في وجوههم الضربة القاضية وهي : يهودية الدولة مقابل السلام؟؟!!
لم يحارب العرب إسرائيل وفق النظريات العسكرية المتعارف عليها ، بل كانوا وكما أسلفنا يخوضون مواجهات ممسرحة متفق عليها ، تكون نتيجتها تسليم الجيش الإسرائيلي المزيد من الأراضي العربية ، لتوسيع رقعة مستدمرة إسرائيل ، وكما هو معروف فإن الأمم المتحدة ومجلس الأمن كانوا أطرافا منحازة إلى هذه المستدمرة ، حيث كان مجلس الأمن يصدر أمرا فوريا بوقف إطلاق النار ، بعد أن يتعب الجندي الإسرائيلي ويسيطر على الأرض المتفق عليها ، والغريب في الأمر أن مجلس الأمن لم يحرك ساكنا في الأحداث الدموية العربية الدائرة منذ العام 2011 رغم بشاعة المشاهد وكثافة أنهار الدم المسفوك غدرا على أيدي الأنظمة الإستبدادية وحلفائها من الخارج.
كانت يطلق عليها حرب عام 1948 مثالا صارخا على ما ورد آنفا ، فجيوش الإنقاذ العربية السبعة التي دخلت فلسطين بعد الإنسحاب البريطاني ، بضغط من العصابات الإرهابية الصهيونية ، كانت مهمتها واحدة وهي تسهيل قيام مستدمرة إسرائيل ، وإفشال نضال الشعب الفلسطيني ، حيث جمعوا سلاحه وأجبروا غالبية الشعب الفلسطيني على الركوب في حافلات جنودهم ، وشحنهم بالتعاون والتنسيق مع عصابات الإرهاب الصهيوني إلى بلدانهم ، قائلين لهم انهم يعيقون حركة جيش الإنقاذ الذي سيحرر فلسطين في غضون أسبوعين فتحملونا ، لكن عشرات السنين مرت وإنقضت ، ولم يحرروا فلسطين بل سلموا بقيتها وأراض عربية أخرى إلى مستدمرة إسرائيل ، والأغرب من ذلك أنهم خنقوا الشعب الفلسطيني وأجهضوا ثورته ، وحشروها في فم الأسد الصهيوني ، تحت مسمى السلطة الوطنية الفلسطينية التي كان لها وظيفة النظام الرسمي العربي وأصبحت وكيلة وحامية الإحتلال البشع برئاسة الأصفهاني محمود ميرزا عباس غلوم.
قرأنا ملف احداث حرب عام 1948 في الكتب وفي الملفات والتقارير ، لكننا بالنسبة للمواجهات اللاحقة بدءا من حرب حزيران من عام 1967 وما تلاها من مخاز وفضائح ، شاهدنا بأم العين حتى أننا بحمد الله شاركنا ببعضها ، ورأينا بأم أعيننا تخاذل البعض ، وخاصة أولئك الذين كان يتقمصون البطولة والفداء والعروبة والقومية ، وأعني بذلك نظام الدجل القومي نظام الوحش اليهودي الأصفهاني ، الذي إغتصب سوريا العربية وحولها إلى مزرعة وها هو يشعل النار فيها تمهيدا لتقسيمها ، ولا ننسى مجريات حرب تشرين المجيدة عام 1973 وتحويل النصر الذي حققته إلى هزيمة.
ولا يغيبن عن البال الإجتياح الذي قام به السفاح الإرهابي شارون للبنان ، بالتعاون والتنسيق مع نظام حافظ الوحش اليهودي في دمشق ، ومباركة الجميع بذلك ، وتم على إثرها خداع الثورة الفلسطينية بشحن كوادرها إلى تونس ، من أجل خنقها وتكشير وكلاء إسرائيل عن انيابهم ، وهذا ما جرى حيث أن مستدمرة إسرائيل الآن حققت كافة مطالبها وأهدافها وهي في طريقها للحصول على اعتراف رسمي فلسطيني عربي دولي بيهوديتها ، وهذا هو العلو الثاني.