تصريحات رئيس "التكنولوجيا": قراءة ما بين السطور
د. فاخر دعاس
22-03-2017 02:28 PM
عمون- عندما يجري رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور عمر الجراح لقاءً مطولاً مع وسيلة إعلامية، فمن الضروري أن نقوم بمتابعتها وتمحيصها. كيف لا؛ ونحن نتحدث عن ثاني أكبر جامعة رسمية من حيث حجم الموازنة وحجم الإقبال عليها بعد الجامعة الأردنية؟ كما أنها ثاني أقدم جامعة أردنية من ناحية التخصصات الطبية، إضافة إلى أنها ستكون أولى الجامعات، إضافة إلى "الأردنية"، في اعتماد القبول المباشر – في حال استطاعت الحكومة تمرير هكذا قرار شعبياً-.
لن أتناول حديث الرئيس عن أن "نسبة رسوم الموازي تقدر بـ52 مليون دينار، وتشكل ما نسبته 30 % من موازنة الجامعة البالغة 100 مليون دينار". فيما "رسوم البرنامج العادي تقدر بـ12 مليون دينار"، علماً بأن رسوم البرنامج الموازي وفق الأرقام التي طرحها الجراح تشكل 52 % من موازنة الجامعة، أي أن أكثر من نصف الموازنة يأتي من البرنامج الموازي (52 مليونا من 100 مليون) وليس (30 %) كما ذكر. إضافة إلى أن إيرادات الجامعة -وفق أرقام الرئيس- من رسوم الموازي تعادل ثلاثة أضعاف وثُلث الضعف عن إيرادات البرنامج العادي (52 مليونا للموازي مقابل 12 مليونا للتنافس).
ولن أتطرق لـ"تباهي" الرئيس بأن جامعته هي جامعة بلا مديونية، في تصريح يقتفي فيه أثر رئيس الجامعة الهاشمية، الذي كان أعلن فخره بأنه يسجَّل لجامعته أنها لا تعاني من المديونية، وكأن الجامعات الرسمية شركات حكومية استثمارية، مطلوب منها أن توقف خسائرها وتتجه نحو تحقيق الأرباح (فائض)!. وهل المطلوب من مدير مستشفى البشير -مثلا- أن يحقق أرباحاً سنوية؟! وهل مدير مدرسة يعقوب هاشم –مثلا- مطالب بسداد عجز المديونية في مدرسته؟! ونسي الرئيسان أنهما حققا هذا "الإنجاز" من خلال التوسع بالموازي وتقليص أعداد المقبولين على التنافس واستحداث تخصصات جديدة برسوم فلكية، حرمت الفقراء من القدرة على التسجيل بهاتين الجامعتين.
ما لفت انتباهي في المقابلة، التي أجراها الصديق أحمد التميمي مع الجراح ونشرتها "الغد" الغراء الاثنين الماضي، وبشكل أكثر جدية من الأرقام التي ذكرتها أعلاه، هو إشارة الجراح لمسألتين بغاية الخطورة: مطالبته بتوحيد رسوم الجامعات الرسمية، وتأكيده على النية لاعتماد القبول المباشر في جامعته اعتباراً من العام الدراسي القادم.
فيما يتعلق بتوحيد الرسوم، فعلى الرغم من تأكيد الجراح أنه "لا توجد نية لدى الجامعة لرفع الرسوم".. إلا أنه يستطرد بالدعوة إلى "ضرورة توحيد الرسوم في الجامعات، خصوصاً أنه سيتم رفد موازنة الجامعة بدخل إضافي في حال توحيد الرسوم بحوالي 17 مليون دينار".
أعتقد أن هذا التصريح هو أخطر ما في المقابلة، فالرئيس ينفي "نية" رفع الرسوم، ثم يعود و"يطالب" بتوحيد الرسوم الذي سيؤدي لرفعها وزيادة إيرادات الجامعة بـ17 مليون دينار.
وبحسبة بسيطة، وإذا ما علمنا أن إيرادات "العلوم والتكنولوجيا" من التنافس تبلغ 12 مليون دينار سنوياً -وفق تصريح الرئيس لـ"الغد"-، فإن هذا يعني أن نسبة الرفع المرتقب لرسوم التنافس ستتجاوز 140 %.
إذن، فعملية توحيد الرسوم هي رفع لرسوم التنافس، ولكن تحت مسمىً آخر، وهو الأمر الذي كانت تحذر منه حملة "ذبحتونا". ولتوضيح حجم وخطورة هذه العملية، يكفي الإشارة إلى أن رسوم الطب في "التكنولوجيا" سترتفع في حال توحيد الرسوم من 36 دينارا للساعة، إلى 100 دينار، أي بنسبة رفع تتجاوز 170 %.
المسألة الأخرى التي استوقفتني، هي ترجيح الجراح لتطبيق القبول المباشر في الكليات الطبية للجامعة اعتباراً من العام القادم، والقبول المباشر يعني عدم اعتماد التوجيهي كمعيار وحيد للقبول الجامعي، ما يفسح المجال للواسطة والمحسوبية في القبول الجامعي، خصوصا أن نتائج التوجيهي ما تزال تحظى بثقة المواطنين، ولم تنخرها آفة الفساد، وهو أمر يفتح الباب للفساد، ويجعل من المستحيل الاطمئنان لمصداقيتها، ولنا بنتائج القبول للدراسات العليا في بعض الجامعات أكبر مثال على ذلك.
يبدو أن رفع الرسوم الجامعية أصبح أمراً محسوماً على صعيد القرار الحكومي، ويبقى الرهان على مؤسسات المجتمع المدني والقوى الطلابية لكبح جماح هذا الرفع قبل إقراره، ودفع أصحاب القرار إلى التراجع عنه لما سيحمله من نتائج وخيمة على الطلبة والعملية التعليمية، وعلى جامعاتنا التي ستصبح جامعات للأقدر مالياً وليس للأكفأ دراسياً.
(الغد)