يا عيدَ الأم .. كُنْ حنوناً على العراقيّاتِ والسوريّاتِ
باسل الرفايعة
21-03-2017 07:58 PM
كُنْ حنوناً على العراقيّاتِ والسوريّاتِ يا عيدَ الأم. اللواتي فُجعنَ بأطفالهنّ في حروبٍ غادرةٍ، وإرهابٍ مجنون. كُنّ ينتظرنَ أنْ يكبروا قليلاً، لأجل أحضانٍ، وبوساتٍ، ومفاجآتٍ على هيئةِ أزهارٍ، يعودونَ بها من المدارس. كلُّ مقاعدهم الصغيرةٌ خاليةٌ في الصفوفِ اليوم، ولا مَنْ يمسحُ دمعَ السوريّةِ التي كانت تبوسُ صغيرها، وتدعو أنْ "يشْكلَ آسها". ولا العراقيّة وهي تحنُّ كالنايات، ومع كل حضنة "فدوة" تذوبُ تحتَ اللسان.
كُنْ حنوناً عليهنّ. العراقياتُ والسوريّاتُ. فهذا حوضُ الفراتِ، يا عيدَ الأم، داستهُ أوسخُ الأقدام، وندبتهُ المآتمُ، وجاء إليه من أقصى التاريخ رجالٌ متّشحون بالثأر وبالدماء والفتاوى السوداء. بابلُ وأوغاريت المنكوبتان بالطغاة والهمج. المملكتان المعجونتان بالوردِ وبالقصائد والموسيقى، دهمتهما الأكاذيبُ، ولم يُصدّقْ أحدٌ أنّ دجلةَ كانت محبرةً للحضارة، وبردى إزميلا للنقوش فوقَ الماء والتضاريس.
أيها العيدُ الربيعيُّ. كُنْ حنوناً في العراق وسورية اليوم، واعبرْ سريعاً، فهذه تشمُّ رائحة حذاءِ صغيرها، وتلك تُمسح دمعها بفستانِ طفلتها. لقد كانت الْحَيَاةُ كلها تضجُ في بيوتِ العراقيين والسوريين، والأطفالُ يدفعونَ الأبوابَ، ويرمونَ حقائبهم وأحذيتهم، ويتذمّرون من الغداء. كانوا يحردونَ في دلالٍ لذيذ. الْحَيَاةُ كلها كانت تقفُ في الطابور المدرسيّ، وتلعبُ كرةَ القدَم، وتمشّطُ شْعْرَ الدمى، قبلَ أن تنتهي تحت أنقاض البيوت، وفي السيارات المفخخة، وفي هذا الانتحار الكبير..
نقلاً عن صفحة الكاتب "الفيسبوك"