في يوم الأم
النائب الدكتور مصلح الطراونة
21-03-2017 06:36 PM
على موعد جديد مع آذار نلتقي ، وكأنه ينتظرنا كل عام ، يجلس متكئا على جدار شباط ... ينتظرنا و كأنه يعلم أننا على موعد مع الشوق ، على موعد مع لحظة طفولة اجتاحتنا على حين لهفة .
يتجدد اللقاء مع آذار يا زينة آذار ، وها أنذا على مفترق الأرض و الماء ، أحاول مجهدا أن أدخل في النص ... إذ ليس من السهل أن تكتب لأم دون أن تكون مفخخا بالذكريات ، دون أن يغتالك غيابها من الخاصرة إلى الخاصرة ، دون أن أكون فريسة لحنينٍ يشتعل فينا كل آذار ... ليس من السهل أن تعانق رائحة الجنة بعدة جمل ، ولا أن تقبّل حنينا تفصلك عنه مسافة حمقاء من الرمال ، ... ليس من السهل أن تجد طريقة مثلى ، لتحطم جليد أناملك و تطرد انحناءها ... عند الكتابة لأم أنت ببساطة تحتاج أن تعود لطفولتك .
فقط هي الطفولة التي شكلت مخزنا لوجهك الجميل في الذاكرة ، ... فقط هي التي يمكن أن اعتبرها عمرا جميلا ، ما بعدها أو ما بعد يوم حُرمتُ منك فيه ، أعتبره عبثا ، زمنا لا يستحق التخليد ، ورحلة بلا بوصلة ، ... طرقات لا توصل لشيء ، ونهايات ضائعة ، و حكايات بلا هوية ، هذا العمر بعدك مفرغ مما يمكن أن تتجاوزه قياسات الفيزياء ، آه يا أمي كم هي موجعة لعنة الغياب ، و كم هو مؤمن هذا الموت ، لا أعلم أأنا الذي فقد طريقه نحو الجنة ، أم أنت من سبقني هناك ؟؟
خلف هذا الرجل ... هناك طفل يحتاج صوتك ، يبحث عنك لتصلحي له قميصا مزقته الذئاب ، ... هناك طفل بقدمين عاريتين للريح ، داخل هذه البدلة يا أمي أشعر بالبرد ، صقيع يحتل مفاصلي ، أحتاج شيئا من رائحتك ، و قطعة من ثيابك ، لا يهم جديدة كانت أم لا ، فقط احتاج ما يؤكد لي أنني لم أشيخ مبكرا ، و لم أدخل في كهف هذا اليتم ، حتى ولو كذباً