ونحن نحتفل بعيد الأم فإننا نحتفي بجذورنا الثابتة في الأرض، وبأفرع هذه الجذور حين تنبت ثمرا يانعا من الفرسان النبلاء الذين يقدمون أرواحهم فداء للوطن، ولا يختلف هذا المعني كثيرا عن دلالة الأمومة في المعاجم اللغوية التي تصف الأم بأنها أصل الشيء وهي الوالدة، وهي الشيء الذي يتبعه فروع .
وهكذا فإن الأمومة ينبوع صاف من العطاء يروي الأرض الإنسانية العطشى للحنان ، خاصة أم الشهيد التي تخلدها ذاكرتنا بمآثر الفداء للوطن وحفظ ترابه طاهرا من دنس الأعداء . وكما ارتبطت أم الشهيد بمعاني الجهاد والتضحية فإن الأمومة في أعظم تجلياتها الإسلامية في الذاكرة الشعبية وفي التاريخ تؤكد هذه القيمة العظيمة من العطاء والسعي والجهاد – الحياة من أجل احتضان ورعاية الصغار وتنشئتهم وتوفير كافة سبل الأمان والحماية لهم ولعلنا نجد في قصة الأم هاجر هذه القيم النبيلة في الجهاد حين قطعت الأشواط قرب الكعبة كي تبحث لصغيرها عن قطرة ماء تروي به ظمأه وبعد بذلها الجهد سبعة أشواط كاملة تفجر الماء – ماء زمزم – تحت قدميه .
ومثلما فعلت هاجر في كفاحها لتأمين الماء لطفلها ، فإن أم الشهيد قد بذلت الكثير والكثير من الجهد في بناء كيان ولدها الشهيد ، وهي ترضعه معاني الفداء وتنشئته علي معاني الكرامة والثقة والاعتزاز والفخر بالذات وبعظمة الانتماء لتراب الأوطان ويحفل سجل التاريخ بمئات الأمهات الذين ضحين بفلذات أكبادهن انتصار ا للحق والعدل والخير وكرامة الأوطان، فألهبت بتضحياتها خيال الشعراء وأطلقت أصوات المطربين ليتغنوا بقيم الفداء والإيثار بأغلى ما يملكه الإنسان على وجه البسيطة وهو الضنى جزء من روحها ونبضها وعقلها وكيانها الدافئ وتجيء هذه الأغاني لتدعو أم الشهيد لاستعادة الفرح وترك ثوب الحداد والتغني بحياة الشهيد المديدة السعيدة ومنها أغنية للمطرب محمد فؤاد التي يقول فيها : افرحي يا أم الشهيد واهتفي أحلي نشيد ، لم يمت من مات ولأقصاه المجيد .
تحية عاطرة بالحب والفخر لأم الشهيد التي تستحق منا أن نقيم لها كل يوم عيد خاص بها وهو أقل حق لها علينا بعد أن افتدت أرواحنا بفلذة كبدها فأم الشهيد هي أمنا جميعا ولذلك فإنني ادعو لها مثلما دعا المطرب علي الحجار بالقول:
دعوتي في الفجر يامه تسلمي من كل ضمة
تسلمي الإيد اللي ربت تسلمي العين
بقلم: سارة طالب السهيل