كانت الأمهات مختلفات في مادبا والكرك، ليس في الثوب الاسود والجبّة ذات اللونين فحسب، وإنما في نظر المدينتين الوفيتين. فقد كانت اشبه بالتقديس: «يمّه» كانت كلمة اشبه بالاستغاثة. وكانت «يا عونك» كلمة اشبه بحضور هائل من الثقة والتنعم.
في هذا الزمن تغيّرت الصورة. فهناك من جهة أمهات عرايا، وامهات داعشيات من الجهة المقابلة!. فقد تغيّرت كل الأشياء ولم نعد نفرّق.
لم نعرف شيئاً اسمه عيد الأم، فقد كانت أعيادها كل يوم. هي صانعة الخبز، ومانحة الحليب في الصباح ساخنا من «ديد البقرة»، وهي التي تطلع الزبدة من الشكوه» وترعى الطفل المريض بالحصبة، والتيفوئيد. وكان ميزان الحرارة شفتيها على الجبين.
الآن احتفل مع المحتفلين، فقد صرت اقرب اليها. لكنها لم تزل مختلفة.. غير كل هذا الهبل الذي يصب في الاستهلاكية القاتلة. هدية لست الحبايب. ويرغمونك على سماع الاغنية التي دخلت الى المكانس الكهربائية وماكنة صنع القهوة التركية – لماذا تركية؟–وعلى غير ما ارادها عبدالوهاب بصوته البالغ العجز لدى تلحينها.
حين فقدنا امهاتنا القديمات. قديسات الحياة الحقيقية، صار لاحفادنا امهات مختلفات عرايا او اكياس زرقاء. لذلك فقد الاحفاد مجدهم الاردني العربي. وصاروا اطفال الانابيب.. اطفال الهواتف الذكية.
آه. كم اشتاق اليك يا ام الثوب، وام «المدرقة» اذا أنعشت الدار بحضورك الجميل الدائم.
الرأي