الاشتباك على القواعد والثوابت
عمر كلاب
21-03-2017 12:14 AM
خلال اقل من أسبوع كشف العقل العربي في بلاد الشام عن أكبر فجيعة أخلاقية ومعرفية، من حيث انحيازه للاعداء على حساب ثوابتنا الوطنية، وحجم الفجيعة يتمثل في مقدار تمركز الخصومة في عقلنا حد الانحياز للعدو الذي شفى صدور الاخوة الاعداء من بعضهم وعلى بعضهم، فلا مساحة للاخ ولا مساحة للآخر وكل المساحات مفتوحة للعدو كي يرتع فيها ويزرع براحة وحميمية من شقيق المقتول، وجاهزون حد الفجيعة لقبول تحطيم الشقيق لمجرد انه شقيق من الاب او شقيق من الام وكثيرا شقيق من الاب والام فلا فرق المهم الا يبرز شقيق والا يحقق نصرا ماديا او معنويا فالنصر علامة مسجلة للعدو الحبيب.
فجأة تتحول ريما خلف من نشمية اردنية نجحت في انتاج اهم تقرير عن التنمية البشرية في العالم العربي قبل اعوام قليلة الى شيطانة تستحق الرجم ومتسلقة تستحق سحب السلم من تحتها حتى تهوي على عنقها، والسبب انها ازعجت العدو الصهيوني بتقرير يضعه في المكانة الحقيقية له كنظام تمييز عنصري باجماع كل الشيوخ وليس باجماع شيخان فقط، وتصبح القضية الرئيسة هي المدة المتبقية في عقدها مع المنظمة الدولية وليس مضمون التقرير الذي استقالت من اجل بقائه وثيقة كونية اكاديمة ومعرفية، تُقصف ريما خلف بكل الاسلحة والمفردات اللفظية ويتم استحضار سيرتها الذاتية منذ الولادة وحتى اللحظة بنسختها السوداء طبعا، وكأنها المسؤول الوحيد الذي انتقل من خانة المعارضة الى الموالاة هذا على اساس صدقية السيرة الذاتية، ناسين او متناسين ان الحكومات الاردنية قبلت في عضويتها انقلابيين سابقين وفتحت الدولة ابواب العودة الى احضانها للجميع وليست لريما خلف فقط واكرر هذا على اساس ان السيرة الذاتية المروية صحيحة.
في البر الشامي الدمشقي، تقام الافراح لان قوات العدو نجحت في قصف مواقع عسكرية قتل فيها قائد سلاح الجو السوري او احد الضباط الذين يحملون رتبة متقدمة فتصدح الموسيقى وتقام الولائم فرحا بالنصر المبين، وقبلها تقام سرادق العزاء بسبب اخبار عن اشتباك سوري صهيوني افضى الى سقوط طائرة حربية صهيونية، وكان الاتهام لسورية انها تتمنع ولا تمانع، فالمطلوب ان نبقى تحت طائلة الذل والمساكنة والمطلوب اكثر الا يخرج من بين ظهرانينا من يقول لا او يقوم بعمل رافض لوجود العدو وكأن بقاء بعض الفئات مرتبط ببقاء العدو بكل اسباب قوته، وعكس ذلك تنحسر فرصهم في البقاء والنماء والثراء، فهل اسقطنا سورية من حساباتنا القومية ام اسقطنا جيشها من مشروعنا الوحدوي التحريري ووضعناه في خانة الاعداء؟
غرب القلب ثمة سطوة على والد شهيد وقوة على متظاهرين من اجل الحرية، وللاسف ثمة من ينتصر لهذه القوة على ذوي الشهداء وعلى متظاهرين من اجل الحرية، لان هذا النموذج يزعح العدو الذي يجب ان يبقى سعيدا ومشغولا بسعادته، فقد سقط شعار كل ما يزعج العدو يفرحنا وكل شوكة تنغرز في خاصرته تتحول الى وردتنا المزهرة وصرنا نستكثر في زمن الهزيمة ملمح رفض ولا اقول ملمح نصر، فالنصر بعيد طالما بقيت هذه العقليات والنفسيات حاضرة بين ظهرانينا وبهذا الحضور الفجّ.
كان الخلاف بيننا على ادوات المقاومة واشكالها، وكانت المواقف والاشتباكات الفكرية مبينة على قواعد راسخة اهمها العداء للعدو، سواء كان هذا العدو صهيونيا او على شكل فقر وتبعية وجهل، وصار اليوم خلافنا دون قواعد واشتباكاتنا مسلحة من اجل تغيير العدو والعمل على تأبيد وجوده، وهذه كلها اسباب هزيمة روح ووجدان، ولن تستقيم الحال الا بالعودة الى ثوابتنا والى قواعد الاشتباك فالعدو واضح غرب النهر وواضح بيننا على شكل فقر وجهل وسيبقى كل ما يؤذي الصهاينة يفرحنا.
omarkallab@yahoo.com
الدستور