ما الذي فعلته كي ُتغتال براءتي؟وما ذنبي أنا ان لم يحفظ والدي الأمانة الملقاة بين أكفّه؟ أتساءل مرارا حول الثمن الذي وصله لطفولتي التي سلّمها لأول عابر يملك ما يكفي لاغتصاب حياتي..
أحاول أن اتذكر المرّة الأخيرة التي ّأغضبته فيها..أكانت عندما طلب مني أن أترك مدرستي ورفضت؟ أم حين حاولت أن أخّلص مذكراتي من بين يديه؟ أكان اهدائي لذلك الرجل عقابا على رعونتي؟ أم انتقاما من أمي التي خابت توسلاتها في ثنيه عن عزمه؟
ترى ماالذي كان يفكر فيه أبي حين قرّر التخلص من عبء احتوائي بالقائي في جحيم يدعى زواج؟وما الذي أعرفه أنا عن الزواج؟ أهو كما رأيت في منزل ذاك الغريب من مذلة ومهانة وانكسار؟ أم ما رأيته من اهدار لكرامتي وتفتيت لأحلامي... ثم..أين أوراقي ودفاتري وصدى ضحكات صديقاتي؟؟لابد انني لا أدرك ما الذي يحدث بعد...لكنني أشعر وكأني جزء من لعبة قذرة لم أفهم للّحظة أبعادها,,ولا أظنني بقادرة على فكّ رموزها.,على الأقل ليس الآن، فأنا مازلت في عرف العالم طفلة..
أي ذنب جنيت حتى اجد نفسي في أحضان لا أعرفها وبين جدران أُنكرها، متجرّعة عذابا لا يجدر بي حتّى أن أسمع عنه,,لا بد أنني قد فعلت ما يستحق هذا العقاب..ربما لم يكن من الحكمة أن أعُلن لوالدي عن رغبتي في أن أصبح طبيبة مشهورة ، كان يجب أن أطيعه حين أخبرني أن قراءاتي ما هي الا تلويث للفكر، وأحلامي مضيعة للوقت..كان يجب أن أدرك أنه لم يكن يرى في ابنته التي لم تتعد اعوامها التاسعة ، الا جسدا ينضج ليكوّن امراة، وهذا يعني ضرورة ملّحة في التخلص من عار متوقع بأسرع وقت ممكن.
لكنني كنت صغيرة، ما يدريني أن أبي سيوقّع بأنامله صكّ عبوديتي,,وكيف كان بامكاني توقع انانيته المفرطة هذه..كنت أعتقد أنني في أيد أمينة، لم أعلم أن الجهل والجبن يحتلّان من والدي موقع القلب ..ولم أتصوريوما أن أجد نفسي مسؤولة عن رفاهية شخص و لم أزل أدرج على درب الطفولة بخطى متعثّرة..
لا بد أنني أخطأت..لا حين حاولت التشبث بذراع والدي حين قبض ثمن حياتي بيديه ، ولاعندما رجوته أن يبقيني لديه، في منزلنا الذي عرفت..لكن خطأي الحقيقي كان حين اعتقدت أنني ذات قيمة في حياته, وانني كغيري من اقراني املك حق أن احيا طفولتي بسعادة وأن اكبر في أجواء حميمية ونظيفة وطبيعية..بعيدة عن أي ممارسات قذرة، تلوث جسدي وتسمم روحي وتحيل ما تبقى من سنين طويلة الى أعوام من نار..
•على هامش ازدياد ظاهرة تزويج القاصرات في موريتانيا واليمن وباكستان.