هل مزَّقت الدكتورة ريما خلف جوازَ سفرها الأردنيّ، عندما كانت طالبةً في الجامعة الأميركيّة في بيروت، أوائلَ سبعينات القرن الماضي، تعبيراً عن تعاطفها مع الثورة الفلسطينية؟.
لقد أحيا الـ"فيسبوك" الأردنيّ هذا التساؤلَ، بعد استقالتها منذ يومين من منصب الأمينة العامة للجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا)، احتجاجاً على سحب تقريرٍ، خَلُصَ إلى أنَّ إِسْرَائِيلَ أقامت نظام فصل عنصري (أبارتايد) في الأراضي الفلسطينية.
القصةُ تحيطها الشكوكُ من أكثر من جهة، فضلاً عنّ أنّ ريما خلف نفتها كذلك. فما الذي يجعلُ شابةً مولودةً في عمّان العام 1953، لعائلة مقرّبة من مراكز النفوذ والقرار أنْ تفعلَ ذلك، فوالدها كان وزير تخطيط في الحكومة الأردنية في السبعينات. وهي نفسها عُيّنت موظفةً في وزارة التخطيط، فورَ عودتها العام 1984 من الولايات المتحدة التي درست فيها درجتي الماجستير والدكتوراة.
كلنا يعرفُ شراسةَ الدولة الأمنية في الأردن في عقود الحكم العرفيّ، وسيطرتها على شؤون التوظيف في الحكومة، ومهما كانت حظوتها عند مراكز النفوذ، فمن المرجّح ألا تُعيّن فوراً في وزارة حسّاسة، مثل وزارة التخطيط، ثم تتولاها وزيرةً مراتٍ عدّة، إلى أنْ أصبحت نائبة رئيسة وزراء، قبلَ انتقالها للعمل في الأمم المتحدة.
طبعاً، بعد أحداث أيلول الأسود 1970، تردَّدَ أنَّ كثيرين (من مختلف الأصول الاجتماعية) مزّقوا جوازَ السفر الأردنيّ، تعبيراً عن موقفهم من الأحداث، أو نقمتهم على ضراوة الدولة البوليسية حينئذ. أيْ أنهم مزّقوا الدفترَ، ثم حصلوا تالياً على نسخةٍ أخرى من دائرة الأحوال المدنية.
الجوازُ، ليسَ العَلَم. وتمزيقهُ انفعالٌ أرعن، ويرمزُ إلى غضبٍ من سلطةٍ معيّنة، أو يُعبّرُ عن مراهقةٍ سياسية، لكنه ليسَ خيانةً وطنيّة، تُطلقُ النارَ على مستقبلِ صاحبها.
ليس ثمة دليلٌ يجزمُ بأنَّ الدكتورة ريما خلف مزَّقت جوازَها الأردنيّ، وأكتفي بنفيها. أقولُ هذا، وأنا من خصومها سياسيّاً، فالتدابيرُ الليبراليّةُ التي تبنتها أثناء مناصبها الحكوميّة، لم تساهمُ إلا في مزيدٍ من التخبط والضرر للاقتصاد الأردنيّ، وأنا لا أراها ليبرالية، على ما أفهمُ في هذا السياق، ربمّا أجدها أقربَ إلى اليمين المحافظ.
كلُّ ذلك لا يمنعني من تقدير استقالتها من الأمم المتحدة، والثناء على شجاعتها، ولو بقي لها يومٌ واحدٌ في وظيفتها..
عن صفحة باسل رفايعة في فيسبوك