باحثون وأكاديميون يناقشون "سؤال الأخلاق"18-03-2017 03:12 PM
المركز العربي يفتتح أعمال المؤتمر السادس للعلوم الاجتماعية والإنسانية : وأضاف باروت أن المركز يعقد مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية منذ العام 2011، وقد خصصت دوراته السابقة في محور العلوم الاجتماعية لموضوعات: سياسات التنمية الإنسانية المستدامة، وجدلية الاندماج الاجتماعي وبناء الدولة والأمة في الوطن العربي، والجامعات والبحث العلمي في الوطن العربي، وتحولات التمدين في المدينة العربية. وتناول المؤتمر في محور العلوم الإنسانية موضوعات: الهوية واللغة في الوطن العربي، وأطوار التاريخ الانتقالي: مآل الثورات العربية، وأدوار المثقفين في التحولات التاريخية، وسؤال الحرية في الفكر العربي المعاصر. وهي ذات المواضيع التي ناقشها الباحثون الذين تنافسوا في الجائزة العربية للعلوم الاجتماعية والإنسانية في دوراتها السنوية المواكبة للمؤتمر، وتوزع الجائزة عادة في نهاية جلساته. وكشف مدير البحوث في المركز العربي أن نحو 400 باحثًا عربيًا شاركوا في دورات مؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية (بما فيها الدورة الحالية)، وهم أساتذة وباحثون في الجامعات العربية والغربية ومؤسّسات البحث العلمي العربي، ومن مختلف البلدان العربية، بما يعكس توسعًا كميًا ونوعيًا كرّسه المركز تقليدًا له في إطار سعي إلى المساهمة في رفع المستوى العلمي للبحث العربي في مجال الإنسانيات والاجتماعيات، وحول الأسئلة والقضايا والإشكاليات التي تشغل هذا البحث وتتصل بقضايا النهضة العربية في الشروط الجديدة، والتي يضع المركز نفسه في قلبها. وأكد المتحدث حرص المركز العربي على المستوى العلمي للبحوث التي تقدم في المؤتمر، إذ يعتمد في دورات هذا المؤتمر كما في سائر مؤتمراته السنوية المحكمة على عملية التحكيم وفق الاختصاص الدقيق للمحكمين. ويقر المركز البحوث بناءً على جودتها الشكلية والموضوعية العلمية فقط. يطبع ثراء كبير برنامج أعمال المؤتمر كما درج عليه في دوراته الخمس السابقة، ويشمل ما يناهز 60 ورقة بحثية محكمة يجري تقديمها خلال جلسات تجمع كل واحدة منها عددا من الأوراق المشتركة في متا تناقشه من أفكار. ومن أجل تمكين الباحثين المشاركين من عرض أبرز ما توصلوا إليه من استنتاجات في بحوثهم ومناقشته مع المشاركين الآخرين والحضور من الجمهور الأكاديمي من أساتذة وباحثين وطلبة، ينقسم برنامج الجلسات إلى مسارين بحسب الموضوعين المختارين للمؤتمر هذا العام، وتجري جلسات متزامنة في كل واحد منهما. ويضم البرنامج إضافة إلى عشر جلسات في كل مسار، أربع محاضرات عامة على ما درج المؤتمر عليه من دعوة عدد من أبرز الباحثين والمفكرين والأساتذة العرب في الجامعات العربية والغربية للمحاضرة في موضوعي كل دورة من دورات المؤتمر. ويقدّم المؤتمر في هذه الدورة محاضرات لكلٍّ من فهمي جدعان وجورج زيناتي في موضوع الأخلاق في الحضارة العربية الإسلامية، وأيمن زهري ومحمد الخشاني في موضوع الشباب العربي والهجرة. تناول الدكتور فهمي جدعان في محاضرة تحت عنوان "مركب أخلاقي حديث للاجتماع العربي"، عدة مسائل متعلقة بما أفرزته التطورات الكونية من أفعال وقيمٍ جديدة كليا، تفرض تجاوز الأخلاق الكلاسيكية التي حكمت العديد من الظواهر الإنسانية. فطرح السؤال الأخلاقي اليوم يستوجب إنفاد مدونة أخلاقية معززة بسياسات مرتبطة بسيادة القانون. وأكد أن التطورات العلمية اليوم في البيئة والتنمية الاقتصادية المحكومة بالرأسمالية والبيولوجيا، باتت تنذر بتغيير الإنسان والسياسي الذي يستخدم القوة والهيمنة والفنون، التي تضرب عمق الذائقة البشرية. ومقابل ذلك تظهر قيم جديدة لا سبيل لتجاهلها الحرية، العدالة، المساواة، الكرامة الإنسانية، المسؤولية، النزاهة، جودة الحياة، احترام الحياة، المشاركة، الديمقراطية، المواطنة، الاعتراف، الإنصاف، وغيرها. وإزاء كل هذا يثور السؤال الأخلاقي بقوة، وبدون أن يقطع مع معاني الخير والشر والسعادة التي كانت وما تزال الموضوع الرئيس للأخلاق النظرية، وتطرح أسئلة أخلاقية، من قبيل: إلى أي مدى يخضع الممارس الطبي للمسائلة؟ هل تتم المحاسبة في الأمور المتعلقة بالمخالفات الأخلاقية؟ ماذا عن الاستغلال والتمييز بين الجنسين؟ هل يلتزم الإعلاميون والساسة بالأخلاق؟ هل ثمة التزام بأخلاق مهنية ومدونة سلوك في الأمور الاجتماعية والسياسية والإعلامية والتنمية؟ وقدم الدكتور جورج زيتاني محاضرة تحت عنوان "سؤال الأخلاق في الحضارة العربية-الإسلامية وبعض قضاياه في عصر العولمة". وتناول المحاضر استلام الحضارة العربية الإسلامية لمهمة البناء المعرفي الإنساني في أعقاب انهيار روما وإمبراطورية الشرق (القسطنطينية) وحدث ذلك على الخصوص بعد إنشاء "بيت الحكمة" في ظل الخلافة العباسية في بغداد على يد الخليفة المأمون. وانطلق المحاضر من إسهامات ابن باجة وابن طفيل، وتأثيرهما في الغرب والتنظير للفردانية الغربية، التي جاءت مع الرأسمالية الصناعية. وانتقل بعد ذلك لمناقشة الإشكالات القيمية والأخلاقية التي جاءت بها العولمة التي استبدلت الثورة الصناعية بالرأسمالية المالية، وهيمنة عالم التواصل والحضارة الرقمية، وهذا ما خلق مشاكل جديدة تهم كل مستقبل البشرية. وتوقف زيتاني عند قضايا البيئة من تلوث واحترار مناخي، ثم انتقل إلى مشكلة بدأ العلماء يطرحون خطورتها وهي دور الذكاء الاصطناعي والروبوتات والوجه المظلم الخطير الذي قد يواجه الإنسانية. وتوقف عند بعض الأسباب التي شكلت عائقًا أمام نجاح الأنظمة العربية في إنجاز ديمقراطيتها، ونبه أولًا إلى الوقائع التاريخية وكيف أنها تطرح مشكلة الزمان، وهي مشكلة أهملتها تمامًا حضارة التواصل والثورة الرقمية. فإلغاء المسافات لا يعني إلغاء الماضي وترسباته وأحقاده. وقال إن "العقل يتقدم من دون اعتبار أخلاقي فيجد السدود أمامه، إذ إن ماضي البشرية هو عبارة عن حروب متلاحقة وصراعات لا تنتهي، ولا بد من خلق ذاكرة سعيدة للبشرية، كل البشرية فإنسانيتنا تجمعنا كلنا"، غير أن إرادة الهيمنة تشكل دومًا بؤرة مفتوحة لصراعات متجددة. وخلص إلى أن ديالكتيك الاستقرار والتقدم وحده يفتح أبواب المستقبل ويتغلب على أشكال العنف غير المبرر، إذن الأمل يبقى ويتجدد ولا يموت، لأن النور يبدد دومًا كل ظلامية.
وستستمر أعمال المؤتمر في جلسات متوازية ضمن محوريه (سؤال الأخلاق وهجرة الشباب) خلال اليومين المتبقيين من المؤتمر، مع تقديم محاضرتين عامتين في اليوم الثاني ضمن موضوع الشباب والهجرة، أولاهما يقدمها الدكتور أيمن زهير تخت عنوان "الشباب العربي والهجرة الدولية"، وثانيهما للدكتور محمد الخشاني تخت عنوان "هجرة الشباب العربي إلى دول الاتحاد الأوربي: قراءة نقدية في السياسة الأوربية للهجرة". |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة