يوما بعد يوم، تغيب قضية المسجد الاقصى، عن العرب والمسلمين، فأولئك الذين كانوا يخرجون في مظاهرات في العالمين العربي والاسلامي، اختفوا فجأة، ولم نعد نسمع حتى صوتا منددا، برغم ان كل التنديد يبقى ذا قيمة معنوية وليس عملية، فكيف سكتت كل هذه الملايين الهادرة، ومن أسكتها فجأة، والسؤال مفرود على بساط الاستغراب والغرابة؟!.
الحفريات تحت المسجد الاقصى، تتواصل هذه الايام، وهناك شهادات، عن حدوث هدم ارضي في بعض مناطق سلوان جراء الحفريات الاسرائيلية، تحت الاقصى، وهي حفريات ليست جديدة، اذ انها تتواصل منذ سنين، حتى بات بناء المسجدين، الاقصى او القبلي، وقبة الصخرة، في اضعف حالاتهما، ولا يحتملان اي هزة ارضية قد تحدث.
كيف يمكن لقضية مثل الاقصى ان تغيب عن الوعي العربي والاسلامي الجمعي، بهذه البساطة، وهل هذا الغياب تعبير عن انهاك عام، اصاب العرب والمسلمين، ام تسليم بما يجري جراء اعتبارات كثيرة؟!.
لا يبذل العرب والمسلمون اي جهد، لا حربا ولا سلما، اذ نلاحظ ان قضية الحرم القدسي، لا تثار من اي جهة سياسية عربية واسلامية في اي مكان في العالم، وكأن هناك اتفاقا على التعتيم على هذه القضية الحساسة جدا، بل ان هناك ميلا مستجدا، لاسكات الاصوات التي قد تثير هذه الملفات في العالمين العربي والاسلامي.
بهذا المعنى يتم ترك الحرم القدسي لمصيره، ولولا الذين يعيشون في القدس، من الفلسطينيين لتبددت قصة القدس كلها، وليس ادل على ذلك من هذا الصمت المريب على التوجه الاسرائيلي، لمنع الاذان في المدينة المحتلة، وهو صمت يثير التساؤلات حول واجب العرب والمسلمين، ازاء اولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين.
هل نصدق ان كل هذا جبن حل بالعرب والمسلمين، على كل المستويات الشعبية والرسمية، هل وصل الذل والخوف والجبن الى هذه الدرجات، وما الذي يمنع العرب والمسلمين من الوقوف في وجه اسرائيل، ولو في المحافل الدولية، واثارة قضية القدس، عموما، وقضية الحرم القدسي، بما فيه؟!.
حتى في التفاعل الاعلامي، يتم تغييب القدس، فالصحف والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي التي كانت تجعل قضية القدس حاضرة، بأشكال مختلفة، نجدها تغيب القدس، ومشكلتها المتمثلة بالاحتلال اساسا، مقابل احلال ازمات اخرى، من سوريا الى العراق، مرورا بليبيا واليمن وغيرهم، وهذا الاحلال ليس بريئا، على ما فيه من واقع مستجد، لان اصل كل هذه البلاءات في المنطقة مرتبط بالمشروع الاسرائيلي، الذي يريد تدمير كل جوار فلسطين، ومد الازمات الى كل مخزون الدم الذي يهددها.
لقد آن الاوان ان تعود قضية الاقصى، الى حضورها القديم، ولو بادر كل واحد منا بطريقته، لاشعل شمعة في هذا الليل الذي يحيط بالاقصى، بدلا من هذا الشعور بالاستسلام والضعف والهوان، وايضا الشعور السلبي، ان لا جدوى من اي تحرك، فمن قال ان لا جدوى، هو ضعيف بكل ما تعنيه الكلمة.
قد نصحو يوما على اخبار سيئة تخص هدم الاقصى، كليا او جزئيا، وعندها، لن ينفع التلاوم، لان سكوتنا على كل هذه المؤشرات التي تخص القدس والحرم والمسجد الاقصى والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسكاني، سيقودنا للاسف الى هكذا نتيجة.
maherabutair@gmail.com
الدستور