ليس من مهمتنا الترويج للحكومة.. أية حكومة، لأن لها أجهزتها الرسمية، لكن علينا الاشارة بوضوح الى ان هذه الحكومة اثبتت شفافيتها ومصداقيتها في قضية ارتفاع الاسعار، سواء في تخفيضها للمشتقات النفطية خمس مرات خلال الشهرين الماضيين، او في تعامل المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية مع اسعار المنتجات الاستهلاكية. وبهذا نكون قد واجهنا نصف اعباء التضخم الذي وصل الى 14%.
بقي لكي تصل الشفافية والمصداقية إلى الجميع.. بقي قطاع التجار، والصنايعية، والنقل وكل شيء طاله ارتفاع الاسعار بسبب ارتفاع اسعار النفط والسلع الغذائية!!.
الحكومة اتخذت قراراتها وكانت حازمة وواضحة، وبقي الناس.. القطاع الخاص. وعلى الذين طخوا على الدولة، وفسادها، وعجزها عن ضبط الاسعار ان يوجهوا مدافعهم على الناس هذه المرة اذا كان هدفهم منذ البداية شفافية الدولة، وحزمها، والتزامها بمصالح الشعب، فأكثر اهل الطخ يركبون القضية الاقتصادية والمعاشية لاهداف سياسية.
احد جيراننا عنده بعض الزيتون، وهو معني بزراعة الورقيات الشتوية: السبانخ والفول والبازلاء والثوم في بستانه الكبير.. وهناك في حارتنا من يكزدر ويدخن، ويبحث عن العمل منذ سنوات.. ومع صاحبه الجار.. وحالة البطالة في الشارع الواحد، لم يصل الطرفان الى حل: فالذي لا يعمل يريد 12 ديناراً في اليوم، مع ان المشارطة كانت قريبا من صلاة الظهر، لماذا يا صديقي؟!.
- ألا ترى ان كل شيء طار.. وأن الاسعار مرتفعة؟!.
- ماذا اصنع بالاثني عشر ديناراً؟!.
الذي لا يريد ان يعمل لان الاسعار مرتفعة، هو رفيق الذي لم يعد يريد شقة في مدينة خادم الحرمين.. فهو لا يملك دفعة اولى، ولا يريد ان يدفع ثلث راتبه مع انه يدفع اجار بيته.. ومع ان التقسيط هو على عشرين عاما!!، ثم تكتشف ان الرجل يعتبر الشقة مكرمة من العاهل السعودي.. أي انه يريد شقة دون ان يدفع شيئاً!!.
ما نزال نزاود على بعضنا، وما يزال هناك من يطالب بوزارة تموين.. وهي مطالبة تعود بنا الى قانون الدفاع.. حين كان بائع الخضار يذهب الى المحكمة لانه باع كيلو البصل بزيادة قرش.. وكنا نصدق ان الدولة تدرس الاسعار وتقيم مصالح المزارع والمستهلك ولم يكن احد يعرف ان التسعيرة كان يقوم بها موظف صغير في سوق الخضار المركزي بأمانة عمان، بناء على اسعار الجملة في اليوم السابق!!.
ان مطالبة الحكومة بالضرب بيد من حديد، على الاسعار هي عمليا محاولة ذكية للتهرب من تحديد مسؤولية التاجر والصانع والطفيلي الاقتصادي. فقد ارتفعت اسعار مشتقات النفط. ورفع التاجر المستورد سعر طن الحمص 50% واوصل بائع الاكلة الشعبية سعر صحنه الصغير الى ستين قرشا.. الآن هبط سعر النفط. والحمص التركي، والطحينة.. وصار البائع يستعمل ملح الليمون، فلماذا يصر المطعم الشعبي على سعره؟. ولماذا تعفيه الدولة من ضريبة المبيعات. ويسكت مفتشو العمل على الرواتب المتدنية التي يدفعها لعماله من طلاب الجامعات.. بحجة الـPart time؟!.
يجب ان يقال للمواطن التاجر والصانع وصاحب المؤسسة الغذائية: أنت الآن السبب في ارتفاع الأسعار!.
الراي.