جاستن ترودو ، رئيس وزراء كندا تكاد أعيننا تفيض من الدمع و نحن نراه بكل تواضع غير متكلف ، و ببساطة و عفوية يسير في محطة المترو ثم يتوقف و يصافح كل الذين يرغبون بمصافحته و يبتسم لهم و كأنه يخوض الانتخابات بينما هو فاز في الانتخابات ، هو الرئيس و لا يحتاج لاستعطاف احد أو التمثيل على أحد ، يأسرك من الأعماق و هو يتحدث عن محنة اللاجئين السوريين و أطفال سورية و يدعو كل من تقطعت بهم السبل إلى القدوم إلى كندا من أصحاب الحاجات و المحن ، يجتمع بأطفال مدرسة كندية من الكنديين و ليس المشردين و لا العرب و يغنون معا طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ، النشيد الإسلامي في استقبال سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام.
ليس بحاجتنا جاستن ترودو هذا ليتملقنا ، و لا يرأس دولة مهشمة متقطعة الأوصال يقضي ليلهم و نهارهم مواطنوها في البحث عن بقايا الطعام في الحاويات ، و لا يمتلك فلاتر يفلتر بها الكلام ، و لا يجلس على بئر ينبع من الأرض نفطا ، إنه يجلس على كرسي العدل ، إنه خليفة أو يكاد ، إنه يعرف معنى الحكم الرشيد و العدل بين الرعية و أن الحكم تكليف لا تشريف ، و قد فرض ضرائب على أغنى طبقة و هي الواحد في المائة من الأغنياء ذوي الدخول العالية جدا لمساعدة أصحاب الدخول المحدودة أو من يسمون بالفقراء إذا جاز التعبير.
جاستن ترودو يحكم بلدا التعليم فيه مجاني و الرعاية الصحية فيه مجانية و لا يحتاج المواطن فيه أن يطلب أي واسطة من أحد أو معونة من مسئول او خدمة من صديق ليحصل على كل أنواع الرعاية التي يحتاجها ، حدثني صديق عزيز حصل على الجنسية الكندية منذ زمن طويل قال إن الحكومة الكندية و إذا حصل في نهاية العام أن زاد فائض في موازنة الدولة المرصودة لذلك العام قامت بتوزيع الفائض على المواطنين ضمن حساب يؤخذ فيه وضع المواطن و دخله و ما يدفعه من ضرائب و ترسل الحكومة شيكات بالمبالغ لأصحابها بالبريد ، و أن الحكومة أرسلت له و لأولاده شيكات بالمبالغ المستحقة لهم العام الماضي على دبي او الذي سبقه حيث يقيمون و يعملون ، و قال لقد أعدت الشيكات الى الحكومة لأن لي مصادر دخل أخرى في الخارج و القانون يطلب ممن لهم مصادر دخل أخرى أن يعيدوا الشيكات الى الحكومة لتدفع لأناس أقل حظا ، قلت له و لكنهم لا يعرفون عن مصادر دخلك ، قال أنا أعرف ، لا أسرق حكومة لا تسرقني.
جاستن ترودو يعلم أنه " لو دامت لغيره ما وصلت اليه " و لذلك فهو يتصرف و كأنه خليفة راشدي زاهد و ليس زعيما من زعماء دول العالم الثالث الذين يقضون ثلث وقتهم يسافرون و يستمتعون و ثلثه ينامون و ثلثه يسرقون شعوبهم ، تراه مبتسما ، عليه حراس ككل زعماء دول العالم لكنهم لا يحيطون به احاطة السوار بالمعصم و ليسوا مدججين بالسلاح و النظرات العابسة و الأعين المحملقة ، ، تشعر به كأنه من غير حرس و لا حراس ، يتحدث عن النزاهة و العدالة و فرص العمل و التسامح و الوطن و الوطنية حديث يشرح الصدر و يفرح القلب و يعيد الى منصب الزعيم القه و رونقه و عفته و طهارته.
أحسد الكنديين على وطنهم و رئيسهم و انتخاباتهم و ابتساماتهم ، و لكنني أتمنى لهم بكل اخلاص كل السعادة ، فوطن ككندا يحتضن مواطنيه بدفء و عفوية و صدق و تواضع ، وطن يستحق ان يحبه مواطنوه ، وطن عنده مجلس النواب ذاك و النواب اولئك ، و المعارضة تلك ، و الرئيس ذلكم .... ياحسرتاه على ذاكنا و اولئكنا و تلكنا و تلكمنا و عظم الله أجرنا ... فالشرفاء عندنا لا يصلحون لشيء و لا يسمع لهم أحد.