الأغنية الاردنية وثوبها الجديد
عمر كلاب
17-03-2017 01:40 AM
اكتسبت الاغنية الاردنية حضورها العربي من خلال التزامها بالمفردة الاردنية واللحن الشرقي العذب دون رطانة او خلط, وحافظت على نكهتها ومذاقها الخاص الذي جعل حضورها المحلي عاليا والعربي مقبولا الى حد بعيد في ظل سطوة الاغنية المصرية الثقيلة او الطويلة وسيطرة الاغنية اللبنانية القصيرة الخفيفة , وكانت الاغنية الاردنية تتجلى وترتفع وتيرتها اذا لامست الحالة الوطنية وما زالت الاغاني الوطنية الشمولية هي الاكثر احترافية وقبولا سواء تلك التي تغنّت بالجيش او بالاردن ومدنه فمن ينسى كوبان واغنيته او عمان بصوت فارسها الراحل عوض.
خلال غفلة من الوعي وسيولة في المواقف والمواقع اجتاحتنا اغنية هجينة تتغنى بجزئيات الوطن لا بشموليته وكدنا نصل الى التغني بالمديريات في الوزارات والمؤسسات العامة , وصار اللحن عاصفة والكلمات لكمات وتدنت الذائقة الموسيقية الى درجات مقلقة , ولم تنسحب سماحة الثقافة السياسية والاجتماعية الاردنية على المفردة الغنائية والجملة الموسيقية ونجح الاقليم في توريطنا باغنيته ولحنه حد استبدال الكلمات والاسماء مع الحفاظ على اللحن واللكنة المستوردة , وترافق ذلك مع البرامج الصباحية التي كرّست اللكنة الهجينة وجعلت الاذن الاردنية تخرج من ذائقتها العذبة الى فضاءات غريبة وعجيبة.
قبل ايام أعاد فنان اردني شاب توزيع اغنية قديمة كتب كلماتها المشير المرحوم حابس المجالي « حنّا كبار البلد « بتوزيع جميل وبصوت عذب والحقها بباقة من الكلمات والالحان التراثية التي كدنا ننساها , ونجح الشاب رامي شفيق بدعم من مؤسسة الاذاعة والتفزيون في احياء ذائقتنا الموسيقية وتراثنا الغنائي الجميل , حين كانت الاغنية الاردنية سلاحا فاعلا في تكريس الهوية الوطنية.
مشروع اعادة توزيع اغنية « حنّا كبار البلد « يكشف عن ضرورة احياء التراث الاردني الغنائي بادوات جديدة دون المساس بروح الاغنية ونهجها , وثمة محاولات سابقة قام بها الفنان عمر العبداللات لاقت استحسانا من الجمهور وباتت الاغنية التراثية بنسختها الجديدة اهزوجة وطنية يرددها الجيل الجديد وكذلك فعل الفنان رامي شفيق بباقته الجدية التي دعمها التلفزيون الاردني الذي يحتاج الى اعادة اثبات دوره وحضوره وتواصله , وليس اقرب الى الناس وقلبهم من الاغنية والموسيقى طالما ان الموازنة لا تكفي لمنافسة القنوات الاخبارية المدعومة من دول ثرية او قنوات المسلسلات التي تحظى بموازنة ضخمة.
فرصة التلفزيون في استعادة بريقه وكذلك الاذاعة الاردنية قائمة , بشرط استنهاض الابداع الاردني الدرامي والثقافي والفني انتاجا او اعادة توزيع وغناء , فالكثير من الروايات الاردنية التي تحاكي البيئة الوطنية يمكن تحويلها الى مسلسلات ناجحة والكثير من الاغنيات التراثية او الاغاني القديمة ما زالت قابلة للحياة والانتشار اذا اعاد فنان توزيعها وتقديمها للجمهور بصوت عذب كصوت رامي شفيق وغيره من الفنانين الشباب الذين تزخر بهم ساحتنا الفنية.
رافعة الاعلام رافعة مهمة مثل الرافعة العسكرية والامنية, وما زالت الاذن الاردنية مع وجدانها وكلماتها تحتاج الى اعادة تنظيف موروثنا من اطنان الغبار التي علته , والواقع يقول أن ننحاز الى محليتنا والى مخزوننا , فنحن لن ننافس المحطات المتخصصة اخباريا او دراميا اوغنائيا بحكم الامكانات , ولكن نمتلك موروثا ومكتبة درامية وغنائية هائلة يمكن ان تعيدنا الى الواجهة من جديد, كل ما نحتاجه هو الثقة بانفسنا وبكوادرنا البشرية التي تحقق النجاح في كل المواقع حين تجد الفرصة والدعم.
omarkallab@yahoo.com
الدستور