مختصون يتحدثون ل عمون عن "حل الدولتين" .. الى اين؟
16-03-2017 04:01 PM
عمون- عبدالله مسمار- يطالب العرب زعماء وشعوبا بحل سلمي ينهي الصراع العربي الاسرائيلي والذي استمر لـ 69 عاما منذ حرب عام 1948، ويجد الزعماء العرب حل الدولتين هو الخيار الأفضل والحل الوحيد امام الفلسطينيين في الوقت الراهن لفرض عملية السلام العربي الاسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس.
حل الدولتين بالمنضور العربي هو فض للقضية الفلسطينية كما يجده البعض فهو يضمن اقامة دولتين مستقلتين تكون كلا منها ذات سيادة وحدود ولا تتدخل احداها في شؤون الاخرى، الأولى دولة فلسطين والثانية دولة اسرائيل.
بينما ترفض الحكومة الاسرائيلة هذا الحل رفضا قطعيا لرفضها الاستغناء عن القدس بالدرجة الأولى، وتقدم من جهتها حلولا أخرى يرفضها العرب، مثل اقامة دولة واحدة مؤلفة من المكونين العربي والاسرائيلي والذي بات يشكل كلا منهم نحو 50% من سكان الأراضي الفلسطينية تحت سيطرة الحكومة الاسرائيلية بحسب الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين، او قيام الدولة الاسرائيلية الى حدود ما بعد حرب 1967 أي بضم القدس وتكون القدس عاصمة لها إضافة لانتداب إحدى الدول العربية على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.
القضية الفلسطينية وعملية السلام وحل الدولتين جميعها بملف واحد هو الأول على جدول أعمال القمة العربية المنتظرة خلال أيام قليلة في عمان، ولكن هل باستطاعة العرب فعلا فرض حل الدولتين على الكيان الاسرائيلي وايقاف الاستيطان في الضفة الغربية واقامة دولة فلسطينية بشكل عادل يضمن حقوق الفلسطينيين ؟
يستبعد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور غازي السعدي امكانية قدرة العرب على اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس لعدم توافر الشروط الرئيسية والتي تمكن العرب من تحقيق حل الدولتين وهي القدرات العسكرية القوية، وتغيير الرأي العام الاسرائيلي الذي يتجه نحو احزاب اليمين المتطرف، إضافة لضغط امريكي حقيقي وجاد على اسرائيل للقبول بعملية السلام واعطاء الفلسطينيين حقهم باقامة الدولة.
ويرى السعدي ان اسرائيل وحكومة نتنياهو تريد ابقاء الوضع على ما هو عليه الآن، الأمر الذي يصب في مصلحتها لنهب المزيد من الأراضي والاستمرار في الممارسات العدوانية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني وبالتالي انهاء فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ويؤكد السعدي ان اسرائيل لن تقبل بحل الدولة الواحدة لآنه اذا تم سيفقدها الطابع اليهودي مشيرا الى أن حل القضية الفلسطينية ما زال يحتاج لوقت طويل وجهد كبير في ظل الأوضاع العربية الراهنة والانقسام الداخلي الفلسطيني إضافة لوجود الحكومة الاسرائيلية المتطرفة والتي لا تبحث عن حل سلمي لفض النزاع العربي الاسرائيلي.
الكاتب والمحلل السياسي بسام البدارين يجد ان العرب غير قادرين على فرض أي شيء على الجانب الاسرائيلي لا حل الدولتين ولا غيره من الطروحات بسبب الحالة العربية المعقدة والضعيفة.
ويضيف البدارين ان الأردن هو العربي الوحيد المهتم بحل القضية الفلسطينية التي هي في أخر سلم اولويات بقية الدول العربية، لما يدركه الأردن من خطر غياب حل الدولتين بتصفية القضية الفلسطينية وحلها على حساب الأردن وبالتالي هي مسألة وجود بالنسبة للأردنيين والفلسطينيين.
ويرى البدارين ان الخيار الوحيد الذي يريده اليمين الاسرائيلي هو حل القضية على حساب الأردن بتهجير المكون الفلسطيني من اراضيه باتجاه الأردن واقامة كيان فلسطيني على الأراضي الأردنية، الأمر الذي يرفضه الأردن جملتا وتفصيلا.
ويجد البدارين ان عام 2017 هو عام التسوية الشاملة الكبرى في المنطقة وهو عام خطير على القضية الفلسطينية والذي سيتم فيه اتخاذ اجراء نحو إحدى الطروحات التي تقوم على حل القضية على حساب دولة أخرى، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الحذر والحشد الدولي والعمل على ايقاف اليمين الاسرائيلي الذي يحاول استغلال الظروف الموجودة في المنطقة.
مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي يقول إنه بالرغم من كثرة الضجيج العربي حول حل الدولتين إلا انه غير متفائل بقدرة العرب على فرض حل الدولتين على الجانب الاسرائيلي خصوصا في ظل وجود الادارة الامريكية المنحازة نحو اليمين الاسرائيلي المتطرف.
ويجد الرنتاوي ان العرب لا يمتلكون الاأوراق الكافية والضرورية لفرض حل الدولتين بسبب ضعف الدول العربية وتفككها واستنزافها بالحروب الداخلية والحروب بالوكالة ودمار الجيوش العربية الكبرى في سوريا والعراق ومصر وتورط السعودية في الحرب اليمنية والى جانب ذلك حالة التفسخ والانقسام الفلسطينية من الداخل والخلافات التي تحدث بين السلطة وبعض الدول العربية، جميعها امور يستحيل في ظلها فرض المطالب العربية.
ويضيف الرنتاوي ان حل الدولة الواحدة بالمقصد الاسرائيلي والذي طرح من قبل حزب يميني متطرف جاء على قاعدة دولة بنظامين، أي دولة تمييز عنصري وليس دولة ديمقراطية لجميع ابناءها، بل تحكم على المكون الفلسطيني العيش في كنتونات متفرقة تحكم نفسها بنفسها من خلال برلمان خاص ولا تشارك في انتخابات الكنيست الاسرائيلي ضمن نظام سياسي مفبرك قائم على اساس التمييز العنصري.
ويرى الرنتاوي ان الاغلبية الاسرائيلية تريد الخلاص التام من المكون الفلسطيني من خلال اقامة الكونتونات ودولة البقايا وانتداب احدى الحكومات العربية عليها كاقامة كونفدرالية اردنية فلسطينية أحد الحلول التي طرحتها اسرائيل.
نادية سعد الدين الخبيرة في الشأن الفلسطيني تجد ان العرب يمتلكون قدرة الضغط على الكيان الاسرائيلي لإجباره على حل الدولتين بصورته العربية من خلال الموارد التي يمتلكونها والقدرة الاقتصادية إلا ان الامر يحتاج لمزيد من الإرادة وفض للنزاعات العربية الداخلية وإتخاذ موقف موحد في هذا الشأن.
وتضيف سعد الدين ان الموقف الاسرائيلي الحقيقي يتمثل بتياراته اليسارية واليمينية والدينية بالاشتراك حول رفض الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، إضافة لرفض تقسيم القدس بوصفها العاصمة الأبدية لدولة اسرائيل ورفض وقف الاستيطان الآمر الذي يزيد من صعوبة تحقيق حل الدولتين الذي يريده العرب بضمان القدس عاصمة لفلسطين.
وترى الدكتورة أنه خلال المرحلة الحالية لا يوجد في الآفق أي حل للصراع العربي الاسرائيلي وعلى المدى القريب لا تجد أي مؤشرات للتوصل الى اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
وتؤكد سعد الدين انه في ظل الحقائق التي نواجهها على الأرض، لا يمكن إقامة دولة فلسطينية بسبب صغر المساحة المتبقية من الظفة الغربية في أيدي السلطة الفلسطينية والتي تمثل 20% فقط من أراضيها وعدم ارتباط هذه المساحة جغرافيا بسبب قطعها بالمستوطنات المتفرقة.
وتقول سعد الدين إن اسرائيل تيقن جيدا أن حل الدولة الواحدة هو أمر خطير جدا عليها بسبب البعد الديموغرافي وازدياد أعداد الفلسطينيين بشكل أسرع منه لدى الاسرائيليين وبالتالي في حلول عام 2020 ستكون الأغلبية العددية للفلسطينيين ولذلك لن يكون هذا الحل لصالح اسرائيل ابدا، إضافة لما ستواجهه من مطالبات بالعدالة والمساواة بين المكونين العربي والاسرائيلي.
الكاتب الصحفي عودة عودة يجد في حل الدولتين نوعا من الرضى، ويقول انها خطوة الى الامام اذا تحققت فهو يضمن وجود دولة فلسطينية على جزء من الأراضي المحتلة وربما تحدث تغيرات في المستقبل تعيد الحق الفلسطيني لأصحابه، الا ان العرب غير قادرين فعلا على اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس في الوقت الحالي حسب قوله.
ويرى عودة أن حل الدولة الواحدة المكونة من العنصرين العربي والاسرائيلي هو الأقرب للواقع في ظل رفض اسرائيل اعطاء القدس للعرب ورفض العرب التخلي عنها، وفي الوقت ذاته حالة الضعف التي يمر بها العرب الأمر الذي يستعصي عليهم اجبار اسرائيل التخلي عن القدس لصالحهم.
ولم يبدي عودة استيائه من هذا الحل والذي يجده فرصة ايضا امام الفلسطينيين حيث تمكن العرب من سكان اراضي 1948 من فرض هامش حرية لهم داخل الكيان الصهيوني حتى استطاعو اقرار تدريس اللغة العربية في مناهج المدارس هناك إضافة لممارسة مختلف الأعمال والدخول في عضوية الكنيست مشيرا الى قوة الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه.
ويقول عودة إن قوة العرب لا يمكن ان تظهر الا في حال وحدة الدول العربية اقتصاديا وعسكريا معزيا ضعفها الى تراكمت منذ عصور الخلافة الاموية والعباسية والفاطمية وما بثته من فرقة بين الشعوب، إضافة لما توارى على الشعوب العربية من استعمار وما تعرضت له من ظلم خلاله.
قيام الدولة الاسرائيلية بات أمر لا يمكننا انكاره بالرغم من عدم اعتراف الكثيرين بدولة اسرائيل الا انه بات أمر واقع ومن ينكر وجودها فهو لا يستطيع رؤية الحقائق بالعين المجردة.
في الجهة الغربية من نهر الأردن هناك دولة حديثة النشئ، قوية البنية، معززة بالسلاح واقتصادها قوي يتعاقب عليها حكومات قوية تعرف الهدف الذي تسمو اليه اسمها اسرائيل، وعدم الاعتراف بهذه الدولة لا يعني عدم وجودها.
وانما رضى العرب بنصف الاراضي الفلسطينية يعني اننا نرضى بنصف كرامتنا اما عدم رضى اسرائيل بنصفها الأخر يعني انها لا ترضى بكرامتها ونصف بل تريد المزيد، وليس من الغريب أن يفرض القوي ما يريده على الضعيف.