مواجهة "الغاز الإسرائيلي" بالاستقالات
علي السنيد
16-03-2017 10:40 AM
مشروع استيراد الغاز من الكيان الصهيوني كان يجب ان يواجه بعاصفة من الاستقالات النيابية التي تقودها المعارضة البرلمانية لا ان تفشل جلسة المناقشة العامة له، وذلك بالنظر الى خطورته البالغة على امن واستقلال وسيادة المملكة، وافقاده الأردن لحرية قراره السياسي، ولكونه يضع المملكة تحت الهيمنة والنفوذ والوصاية الإسرائيلية، وهو مشروع استعماري خطر هدف الى دمج الاقتصاد الأردني باقتصاد العدو، والى احداث التطبيع القسري مع الصهاينة بحيث يصبح كل بيت اردني مضاء بهذا الغاز.
وقد فشلت المعارضة البرلمانية في التصدي لهذا المشروع الذي يسجل اخفاقا تاريخيا للقوى الوطنية بعد اقراره السهل في عهد هذه الحكومة الضعيفة.
ونحن في البرلمان السابع عشر قد استشعرنا خطورة تمرير مثل هذا المشروع الذي يسجل اختراقا كبيرا للمجتمع الأردني العصي على التطبيع لم نجد من الامكانية للتصدي له سوى بالتوجه نحو تقديم استقالات جماعية من البرلمان. وكنت اقترحت في حينه الشروع بتقديم استقالات نيابية لإحراج الحكومة ، ولإفقادها حيز المناورة من خلال الحصول على اغلبية برلمانية مضمونة في حال تمت المناقشة العامة له في البرلمان والتي كانت ستنتهي بطرح الثقة بالحكومة وهو ما كان ينذر بإعادة الثقة بها، ووجدنا ان تقديم استقالات برلمانية يضاعف من قوة المعارضة البرلمانية في تصديها لهذا المشروع.
وقد كان لي الشرف في جمع عشرين استقالة نيابية لرموز برلمانية، وكانت جاهزة بحوزتي لإرسالها لرئيس المجلس بطريقة رسمية، وكنا اتفقنا في حال وقعت الحكومة على المشروع على التداعي لعقد مؤتمر صحافي نوجه فيه بيانا للشعب الاردني نؤكد فيه سلامة موقفنا الوطني ونخلي مسؤوليتنا كنواب بالتنازل عن مواقعنا النيابية لإخفاقنا في حماية الشعب والحفاظ على سيادته ، وبعد ذلك يصار الى تسليم مفاتيح المكاتب للأمانة العامة للمجلس، ولا شك ان الحكومة ادركت اثر ذلك على الداخل الأردني وفي الاطار العربي ولم توقع على المشروع الذي بقي معلقا حتى هذه المرحلة البرلمانية، وكان البرلمان قد تغيرت تركيبته السياسية، وهكذا وجد المشروع الاستعماري طريقه الى التنفيذ بطريقة سهلة، وحدث الفشل الذريع في إمكانية تكوين نواة حالة وطنية في البرلمان لمعارضته.
ولا شك ان هذا المشروع كان الأخطر على الأردن لكونه متعلقا بالطاقة، وقد تجرأت عليه الحكومة الحالية دون رد برلماني مناسب مما شجعها على المزيد من قرارات رفع الأسعار والمس بمستوى معيشة المواطن الأردني الغلبان.
وانا أقول ان جلسة المناقشة العامة التي طالبت بها الأقلية البرلمانية لمناقشة" الغاز الاسرائيلي " و لم يوافق عليها المجلس لم تكن لتقدم كثيرا وقد فشلت في الانعقاد ، وعلى اعتبار انها كانت ستنتهي بطرح الثقة بالحكومة وهو ما كان سيفضي الى تجديد الثقة بها لكون الأغلبية البرلمانية مضمونة في يد الحكومة، وهو ما كان سيعطي شرعية للمشروع، وكان على المعارضة البرلمانية ان تتخذ من الوسائل ما هو اكثر جدوى من ذلك في التصدي لهذا المشروع الاستعماري الذي دفع الأردن الى الحضن الإسرائيلي.