ما يدعو للعجب والصيام في رجب تكرار ظواهر باعثة على تدوين طرائف أردنية طارئة يحيكها بعناية وبعفوية معبرة عن واقع مر مسؤولين حكوميين من نواب، ووزراء، ومدراء، وهذه الطرائف لا تخلو من فوائد باعثة على السخرية المضحكة / المحزنة.
ولعلنا بحاجة للتنفيس عن ضغوط أزمة السير والأخبار السوداوية الغالبة ومناكفات الفيسبوك المستعرة وهموم الحياة المتزايدة بشكل عام هذه الطرائف ليست محصورة بزلات اللسان والهفوات اللغوية التي من الممكن غض الطرف عنها بل إنها تتعلق بإعطاء معلومة لا تليق بمنصب المسؤول أو ثقافته وحدود معلوماته، فمن الممكن أن تغفر تلعثم مسؤول بسبب صداع مفاجئ أو توقف شريان الذاكرة في لحظة ما سرعان ما تزول كالقول ان استغلالنا ...
عفواً استقلالنا في السادس من حزيران عام 1946 أو الاستطراد والقول ....عفواً في أيار عام 1946 هذه قد تحصل باعتبارها زلة لسان ولخبطة أرقام، لكن الادلاء بمعلومة أساسية وخاطئة من طراز تهنئة نائب برلماني للوطن برجوع أحمد الدقامسة الى الأردن بعد أن قضى المدة الطويلة في سجون الاحتلال ؟!!! يشكل طرفة أردنية بامتياز لصاحبها حق تسجيلها وحمايتها في سجل براءات اختراع الطرف وتعكس تطوراً على طرفة رسالة الملوخية النيابية وما أعقبها من حديث معمق ... وانا قلت وهي قالت وانا شو دخلني.
الطرف ليست خاصة ببعض النواب المحترمين فهناك طرف لرجال الصف الأول في الدولة، ومازلنا نذكر قصة اجتماع نفر من المثقفين الكتّاب والفنانين بالمسؤول الأعلى عن الملف الثقافي وكان رجلاً طيباً دمث الأخلاق ومرحباً بالوفد وتحدثوا عن موضوع الثقافة وشجونها وسبل دعمها واقترح أحدهم على الوزير عمل معرض لعرض لوحات بيكاسو(أشهر فناني القرن العشرين) في عمان، فما كان من الوزير طيب الذكر ... الا أن قال أخي ... انا معكم وسأكون مستعداً لدعوة الفنان بيكاسو واستقباله في الأردن. وهناك طرائف لا تتعلق بالمعلومة أو زلات اللسان، بل تتعلق بالذاكرة وكلنا يتذكر الوزير النشط عندما ذهب للحديث عن موضوع... وفي زحمة العمل وسوء التنسيق وقف على المنصة ليتحدث عن موضوع ليس له علاقة بموضوع الندوة فضحك الحضور واقترب منه مرافقه هامساً...
الموضوع مختلف سيدي، فاعتذر الوزير ولكنه من جديد تحدث عن موضوع آخر برضه ليس له علاقة بموضوع الندوة. وذكرني ذلك بمؤتمر الاستثمار الأردني الروسي الذي انعقد بالعقبة والذي حضرناه مع مستثمرين روس وكان أحد المتحدثين أحد الوزراء فتناول في ورقته التي ألقاها على الحضور مستقبل آبار المياه الجوفية في الخليج العربي واستمع الروس وسط استهجان وتعجب مما يتحدث به الوزير الأردني للروس ولله الحمد لم يدم حديثه طويلاً فقد جاء وقت الغداء و هجم فيه الحضور على البوفيه ومنهم الروس اللذين أكثر ما أعجبهم الحمص والتبولة اللبنانية.
ظاهرة الطرائف ليست مقصورة على المسؤولين الأردنيين، فقد وقع فيها ترامب أبو ندهتين عندما ادعى وقوع حادث إرهابي بالسويد رغم عدم حصول ذلك، وقف أحد الوزراء في دول الخليج العربي قبل فترة في مؤتمر صحفي في الولايات المتحدة، وبعد ان وجه له احد الصحفيين سؤال مفاده: ماذا انتم فاعلون على ضوء احتمالية نضب البترول، الا تفكرون بالسياحة مثلاً، فأجابه الوزير المحترم بلغته الانجليزية الركيكة بأن دولته تلتزم بتطبيق القانون الدولي وهي تحارب الارهاب تماماً كباقي الدول.
خلاصة القول هل كانت هذه الطرائف تحصل فيما مضى ولكنها لم تكن تصل الينا بسبب انعدام وسائل الاتصال والتواصل الحديثة أم ان مسؤولي زمان كانوا أكثر مهابة وحكمة ورشداً ومقتدين بمقولة لسان الفتى نصفٌ ونصف فؤاده فلم يبق الا صورة اللحم والدم.