ليس من المبالغة في قول أن دول الخليج تفوقت على كثير من بلداننا العربية والتي كانت في الأمس القريب تتباهى بأنها الأكثر تقدما وتطورا وانفتاحا. النجاح التنموي الذي حققته دول هذه المنطقة في عقود قليلة . لا يعني خلوها من بعض السلبيات البارزة بل والخطيرة , فهناك ظاهره سلبيه واكبت هذا التطور والنجاح و تراكمت مع الزمن بفعل العولمة ألاقتصاديه والشركات متعددة الجنسية , و بدأ الكل وخاصة سكان المنطقة ومثقفيها ومفكريها ومراكز البحوث فيها يدركونها بل ويحذرون بشدة من خطورتها على النسيج الاجتماعي والهوية الخليجية العربية ,التي بدأت تندثر في بعض مدن الخليج بفعل هذا الطوفان الكبير من العمال الوافدين من شرق وجنوب آسيا والذين يتكاثرون يوميا إلى أن وصلت أعدادهم في بعض المدن إلى نسب مخيفه تفوق بكثير أعداد السكان الأصليين.
هذه التحولات الخطيرة التي طرأت على الحياة الاجتماعية والثقافية في العديد من دول المنطقة بفعل هذا الزحف العمالي الغير متوقع والذي هيئت له ظروف العولمة مناخ كبير للنمو وللتوسع اليومي إلى الحد الذي أصبحت فيه بعض مدن الخليج أشبه بالمدن التائهة رغم ما تتميز به من تمدن حضري ملفت وتطور بنياني عالمي, وأقول تائهة لان الثقافات الوافدة أصبحت هي السمة الغالبة على حياة هذه المدن، وتكمن الخطورة هنا في إحساس المرء بأنه غريب في بيته وان هويته قاربت على الاندثار , وان ثقافته الموروثة وثقافة أبناءه وأحفاده من بعده أصبحت أسيره لهذه العولمة التي تعدت كل الحدود والحواجز والتوقعات.
من هنا نرى ضرورة تنبيه أخواننا في الخليج بخطورة العمالة الأجنبية وسلامة العمالة العربية كبديل وإحلال تدريجي لحاجات السوق الخليجية من العمالة المدربة والأيدي العاملة القادرة على مواكبة النهضة الحضارية التي تخطوها دول المنطقة وغايتنا بالفعل من هذا التشخيص التحذيري هي واجبنا تجاه اشقائنا في أن ننبه ونبدي رأينا بكل صراحة وشفافية حرصا منا على حياة وثقافة وعروبة هذه المنطقة التي نحن منها وفي إطارها خاصة نحن الأردنيين.
الزحف العمالي الآسيوي حقيقة فرضت نفسها وأصبحت واقعة بالفعل المعاش ويدركها أصحاب الشأن أنفسهم والكثير من المحبين لشعوب هذه المنطقة العربية في وطننا العربي الكبير وأقول محبين لأنهم بالفعل كذلك , ولأننا أمة واحدة مهما فرقت الحدود والسياسات بيننا كشعوب وهذه ألامة بما تحمله من حضارة عظيمة وموروث ديني وثقافي واجتماعي عظيم تستدعي منا جميعا المحافظة على هذا التميز الحضاري.
الاستبدال التدريجي لليد العاملة الآسيوية في هذه الدول بأيدي عاملة عربية مدربة تتواءم ومتطلبات السوق الخليجية لهو الكفيل بدرء هذه المخاطر الثقافية والاجتماعية التي تواجهها هذه الدول, واليد العاملة العربية المدربة والمؤهلة التي تتوافق وحاجات السوق موجودة وتمتلئ بها بلداننا العربية كفائض عماله تبحث فقط عن فرص حقيقية للعمل. المهم هنا هو ((الإرادة الخليجية الحقيقية)) للتغيير ومن ثم وضع إستراتيجية خليجية للإحلال والاستبدال التدريجي للعمالة قبل أن تستفحل المشكلة أكثر وتتعمق الظاهرة وتتوسع وعندها يصعب وضع الحلول أو المعالجات التي لا تنفع. وعن موضوع العمالة الأردنية ..
فالأردن والأردنيين هم الأقرب لإخواننا في الخليج العربي وإسهامات الإنسان والعامل الأردني في هذه الدول مشهود لها و معروفة , بل ومسجلة في صفحات التاريخ التنموي المشرق لهذه الدول , والأردنيون هم الأقرب جغرافيا وثقافيا واجتماعيا بل وهم المجربون والمنصهرون في الكثير من جوانب الحياة الخليجية المختلفة , والأردني بدون مبالغة من خيرة الأيدي العاملة وأخلصها . وبشهادة الخليجيين أنفسهم .
Ibrahim.z1965@gmail.com