الشحاحدة يكتب عن الفساد السياسي وبيئاته الآسنة
النائب السابق ابراهيم الشحاحدة
15-03-2017 02:19 AM
لم تكن حالة التيه والضياع التي تسود معظم مؤسساتنا اليوم والتي أجهز عليها الفساد فسلخها من هويتها الوطنية ليقذف بها الى بيئة آسنة مفرداتها الاختلاس والرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ فتحولت من مؤسسات ترفد خزينة الدولة الى مؤسسات استنزفت خزينة الدولة على حساب لقمة المدقعين الجياع وجيوب المعدمين الذين لا ذنب لهم الا انهم آمنو بحب وطنهم فسكنت غريزة عشقٍ بدمهم نمت عزة وكرامة وصبرا، هم اجداد الامس الذين ما بخلوا بنجيع دمائهم على اسوار القدس وباب الواد واللطرون والكرامة ونذروا باحفادهم ليومنا هذا باربد والبقعة والكرك آمنوا بان الوطن اكبر من الجميع خطّوا عباراته بلغة الانتماء ليكن ضيعة الله في الارض ودرة الاوطان لا بديل له الا هو.
ولم تنقلب الموازين وتتهاوى القيم ويتحول الوطن من كلمة لا يخطئها القلب الى قصعة تجرأت عليه قلة لئيمة باغية ليست من الوطن في شيء لا أصلاً ولا جذراً ولا حتى رائحة استعمرت مقوماته فتكرشت بطونهم سحتاً وغصت جيوبهم بثرواته المنهوبة من قهر المحرومين وأنّات الجوعى والمرضى ومستقبلٍ ضائع لشباب تركوا في الشوارع والازقة والحارات فريسةً للمخدرات والانتحار اليومي وفخ الارهاب الذي يتربص بهم من كل جانب بينما اقرانهم من ابناء البغاة يرفلون بنعيم الجاه وتوريث السلطة والمال ورغد الغيش والحصيلة ليست سوى إيذانٌ بالفقر والجوع والخراب ومزيد من الانقسام.
ولم يهن هذا الوطن ويستباح بهذه الصورة البشعة الا يوم ان سرقت ارادة شعبه والتي كفلها الدستور في اسمى مواده وأولها الشعب مصدر السلطات فغيبت سلطة الشعب بقوانين انتخابية اقصائية نتاجها نزعة فردية لا يمكن ان تصنع سياسة قاصرة عن خدمة ارادة الشعب لعب المال السياسي على مرأى ومسمع الجميع دون حسيب او رقيب مستغلا عوز وفقر وحاجة الاغلبية المسحوقة دورا كبيرا في تشويه التمثيل الحقيقي للشعب في سلطته لتتسع هوة اللاثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة الى حد ان الحكومة تسعى للتعاقد مع اعلامين اجانب لكيفية التواصل مع الشعب في خطوة تعد انتحار سياسي ليربوا ويشيع الفساد السياسي كسبباً لكل فساد احدث حالة تدميرية لجبهتنا الداخلية كما هو واقعنا اليوم اقتصاد هش قوامه جيوب المعدمين و واقع اجتماعي مخيف عنوانه الانتحار اليومي والمخدرات والبطالة والفقر والجوع وسياسة بعيدة كل البعد عن هم المواطن وآلامه وآماله وحكومات بلا رؤية ولا برنامج سوى إضعاف سلطة الشعب بما تمتلكه من مقومات تستهوي بها ضعاف النفوس الذين يستبدلون ارادة شعبهم بحطام زائف من الدنيا فغيبت الرقابة وفرضت التشريعات بما يتناسب وأهواء تلك الفئة الفاسدة لتتبدل المعايير من حكومات شهداء في سبيل رفعة اوطانهم وعزت شعوبهم الى حكومات مجتّره لا تمتلك من الولاية العامة سوى اللعب والغوص في جيوب الفقراء لا تجرؤ ان تقف في وجه فاسد او أن تسترد فلساً واحداً منه.
ويبقى هنالك سؤال محير في خلد كل مواطن شريف ينظر الى الوطن بانه عقيدة وانتماء بيدر قمحه وبئر مائه ودفتر ايامه خُطّ به تاريخه وعاداته وتقاليده يتنفس الحياة فقط من هوائه فسمى به نذر بنفسه ورخص بابنه ناشدا عزته وأمنه ، لمصلحة من كل الذي يجري على ساحات الوطن ؟؟؟ وهل من مصلحة امننا القومي ان يترك الامر علىى عوانه لتلك الفئة الباغية ان تسلب مال الشعب بما يتاح لها من عطاءات ممنوحة وامتيازات مسلوبة وثروات مسروقة واستغلال النفوذ لرهن حاجيات الناس المعدومة بين ايديهم لجعلهم طوع ارادتهم عند كل استحقاق دستوري وليساهم ذلك في نمو بيئات مناسبة خدمة لذلك الخطر المحدق بنا من كل جانب ولنتسائل ألسنا نحن من نحمل لواء الحرب على الارهاب وليس لنا حديث رسمي وشبه يومي الا عن مكافحة الفساد وخاصة اننا بمرمى العصى عن محيطٍ مستعر الجميع يعرف سببه ، أليس ذلك تناقضاً صارخاً بين ما يحتاجه الوطن وما يطغى على ساحته ليصبح حب الوطن والانتماء اليه جريمة عقوبتها الاقصاء.
وبإعتقادي ان الحناجر التي تصدح نصرة للوطن والأوجاع التي تغص بخواطر الغالبية الصامتة تبحث عن ارادة حقيقية صلبة لإستئصال الفساد ومكافحة الارهاب والذود عن حمى الوطن ثورة بيضاء يتقدم صفوفها قائد الوطن تغلق فيها كل الابواب والمنافذ في وجوه المرجفين الذين لا يفوتون اي فرصة لنّيل من الوطن وان تحارب كل الايادي الفاسدة السارقة لاموال الشعب و المزيفة لارادته بالمال الاسود الحبل السري لنمو مثل هذا البيئات الاسنة.