لن يستمتع الرئيس مبارك بحريته بعد الحبس الطويل، فعكسر مصر كانوا يعرفون ان الرجل ولعشر سنوات لم يكن يحكم، وحتى حين صار التوريث حكاية مصر كلها، عيّن مبارك مدير المخابرات نائباً له، وحين أمر الرئيس الاميركي اوباما باستقالة رئيس مصر وحددها: بالآن، «والآن معناها الآن» ادرك الرئيس المصاب بالخَرَفْ أن الجيش تخلى عنه نهائياً فاستقال.
أحد أصدقاء الرئيس من الأردنيين كان يذهب بسيارة الرئاسة الى القبة، وليسمح لنا القارئ ان لا نذكره بالاسم، وكان يقضي مع الرجل الخرف وقتاً غير قصير يستمتعان فيه بالنكات الطريفة، وتنتهي الزيارة لموعد قادم في الاسبوع القادم.
والصديق الاردني كان يقول: لم يكن الرجل يحكم، كانت زوجته صاحبة الشأن، وكان ابنه المسيطر على الحكومة والحزب الوطني هو صاحب الشأن.
وقد دفع الرجل الخرف سنوات من عمره بلا معنى، الا لأن الرئيس محمد مرسي في الحبس، والرئيس الاخواني صار رئيساً مع ان الفريق محمد شفيق اخذ اصواتا اكثر منه، لكنها اوامر الرئيس باراك الذي وجد في مرسي حليفا.. وشريكا في «الفوضى الخلاّقة» وفي حلف امتد من تركيا الى قطر الى مصر.
لقد دفعت مصر ثمنا مكلفا لأيام أربعة كان فيها الرجل الخرف يتطلع بعينين فارغتين لما يجري في بلده.. ويجتاح المنطقة في ربيع لم يكن ربيعا ابدا.
وإنما كان ريح سموم، أطاح بأنظمة عربية، وكيانات كبرى في الهلال الخصيب، وفي اليمن، وفي ليبيا.. وشرّد شعوبها.. بالملايين من بلدهم وفي بلدهم، واغرق الآلاف في البحر المتوسط وفي بحر إيجه.
أي متعة يمكن ان يجدها حسني مبارك من حريته، بعد الخرف، وبعد حبس طويل دون جريمة اقترفها سوى ديكتاتورية عشرين عاما، وعشرة أعوام خرف كان أهل البيت يتلذذون بالحكم.
وندعو قارئي التراث الوقوف عند عباس محمود العقاد في عبقرياته حين نقل عن عمرو بن العاص قوله: أرضها ذهب، ونساؤها لعب، وشعبها لمن غلب، وهذا قول لا نظن ان عبقرية ابن العاص آمنت به، فمصر هي غير ذلك حين يحكمها ابناؤها، ولو كانوا.. عسكراً.
الرأي