لافت تحرك الاعلام الرسمي خلال هذ الشهر مع أمل ان يكون فاتحة لنهج جديد من التواصل الحكومي مع الرأي العام . اعتادت الحكومات وهي تؤدي واجبها على نحو ما تراه مناسباً ان تتواصل مع الناس باقل مما هو مطلوب بكثير وقد تصمت احياناً . ضعف الاتصال / الاعلام الرسمي المؤسسي وضعف شفافيته وافتقاره للبث على موجه موحده مشكلة رافقت الاداء الحكومي على مدى العقود الماضيه بحيث لم يعد الخروج منه بالمهمه اليسيره او التي يمكن تنفيذها بالسرعه المرغوبه. وهو ما اورث الروايه الرسميه صورة من عدم الجديه وضعف المصداقيه. وظل الرأي العام بانتظار محاولة حكوميه جاده للتواصل معه بارادة واضحه واستراتيجية فعاله تكرس لها حضوراً دائماً وتمهد لبناء الثقه في اتصالها الحواري مع المواطنين .

مع ان الاعلام الرسمي قد تجاهل مؤخراً انجازاً وطنياً كبيراً للحكومه عندما لم يبرز الى نجاحها في احباط تزوير احدى العصابات الدوليه شراءها اسهم صندوق استثمار الضمان في بنك الاسكان التي كسبتها لدى القضاء الدولي ما ترك مجالاً لروايات تعزو الصمت الحكومي لغايات التستر على الاردنيين المشاركين في الجريمه . ومع انه تجاهل ايضاً ما كان ينبغي ان يصل للجمهور من مؤشرات اقتصاديه ايجابيه خلال فترة الربع الاخير من العام الماضي وبداية العام الحالي ، الا ان ما بدا جديداً ولافتاً بالفعل مبادرات ثلاث للاعلام الرسمي خلال الشهر الحالي شرح فيها موقف الحكومه من مسألتين هامتين تتعلق الاولى بشؤون الطاقه والثانيه بالترويج لمشروع قانون الملكيه العقاريه . وقد جاءت المبادرات على نحو يوحي بتوجه جديد ومخطط له .

في شأن الطاقه قدمت الحكومه بصورة ناجحه الانجاز الوطني الخاص بالبدء بتنفيذ مشروع الصخر الزيتي لانتاج الكهرباء بعد ان تم بنجاح الغلق المالي للمشروع بكلفة نحو 2 مليار دولار وبتمويل من بنك الصين الوطني .

ومن المؤمل ان يتم انتاج الكهرباء بعد سنتين مسعراً للحكومه 7 قرش/ كيلووات وبما يقل 3 قرش/كيلووات عن كلفته الحاليه مما يؤدي الى خفض فاتورة الطاقه وتوفير فرص العمل والانتقال في خطوة لاحقه لاستخراج النفط من الصخر الزيتي . وفي مبادرة ثانيه جلت بوضوح بعض الارقام الجاهله - حتى لا نقول المشبوهه - التي اعلنت عن عائدات الحكومه من المحروقات بستة اضعاف قيمتها الحقيقيه فاحتشدت بها ساحة التواصل الاجتماعي لتتطاير فوقها مثل العاب ناريه وحملها بعض اصحاب الاجندات لاشعال فتيل فتنه يريدون لها ان لا تنطفىء .

وجاء رد الحكومه مقروناً باعلان مدفوع الاجر مع متابعة لصاحب الارقام المضلله وتسجيل اعتذار منه على ما ارتكبه من خطأ فادح بحق الرأي العام . وجاءت المبادره الاعلاميه الرسميه الثالثه في ترويجها لمشروع قانون الملكيه العقاريه الذي جاء مقروناً باعلان مدفوع الاجر أيضاً لحشد التأييد لمشروع القانون والاسراع في انجاز باقي الخطوات الدستوريه اللازمه لاقراره من السلطه التشريعيه بغرفتيها النواب والاعيان ، وذلك من خلال بيان اهمية القانون المقترح من الناحيتين الاقتصاديه والاجتماعيه وعلى الصعيد التشريعي والاداري بصفته يجمع في قانون واحد ما كان مشتتاً في ثلاثة عشر قانوناً صدرت في نحو 54 عاماً (1952-2006).


في الاشاره الى اهمية الحضور الاتصالي/ الاعلامي الرسمي واشتباكه الايجابي الدائم مع الرأي العام لا نملك غير ان نعيد ونكرر ما اتعب مسامع الحكومات المتعاقبه من ضرورة وضع استراتيجيه رسميه للتواصل مع الرأي العام وحشد الموارد البشريه والمهنيه والماليه لها ، تشرف على تنفيذها وحدة الاعلام في رئاسة الوزراء ويقودها وزير الدوله لشؤون الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومه . وان يتم وضع خطة تنفيذيه لتطبيق الاستراتيجيه (Action Plan) يكون للوزراء ومدراء المؤسسات دور قيادي محدد في تطبيقها ، وان تنخرط في تطبيقها اجهزة الاعلام الحكوميه كل ضمن اختصاصه وبصورة تكامليه مع الاسراع في اطلاق " تلفزيون المملكه" المقترح ، وتفعيل دور وكالة الانباء بترا ومأسسة دور الناطقين الاعلاميين باسم الوزارات والمؤسسات الحكوميه .