ما مصير امتحان التوجيهي .. ؟!
حسين الرواشدة
14-03-2017 02:11 AM
ما هو مصير امتحان التوجيهي في العام القادم، هل سيلتزم د. الرزاز بخطة وزير التربية والتعليم السابق فيعقده لدورة واحدة، ثم ماذا عن اصلاح التعليم بشكل عام وتعديل المناهج تحديداً، هل ستسير الوزارة في هذا الاتجاه ام ان لديها رؤية أخرى للموضوع؟
قبل الإجابة استأذن بتسجيل نقطة واحدة وهي ان الوزير الرزاز يتسم بشخصية مرنة ومنفتحة، تجعله قادراً على الإمساك بالصورة من زواياها المختلفة، وتجنبه الوقوع في دائرة “العناد” وتتيح لنا –اقصد المعنين بملف التعليم-فرصة الحوار معه، والمشاركة في القضايا التي تشغلنا وتشغله، وبالتالي فإن ساعة حسم القرارات فيما يتعلق بالملفات الكبيرة لم تدق بعد، بانتظار المزيد من الدراسة والبحث والتشاور مع كافة الأطراف داخل الوزارة وخارجها.
أعود لما طرحته من أسئلة، فيما يتعلق بنظام امتحان التوجيهي اعتقد انه سيبقى على حاله، لأكثر من سبب، الأول ان الوزير الجديد يفكر جدياً بالبحث عن صيغة أخرى لإجرائه، بمعنى الغائه وفق الشكل الذي ساد خلال العقود الماضية ، لكن هذا يحتاج الى وقت أطول لتوفير “البيئة” المناسبة لذلك ، وضمان العدالة لجميع الطلبة في المدن وفي الأرياف، السبب الثاني ان عقد الامتحان في دورة واحدة يتطلب تعديل المواد والمتطلبات الدراسية التي يجب ان يخضع لها الطلبة، خاصة المناهج الدراسية المزدحمة بالتكرار والاسهاب، وهذا بالطبع لا يمكن إنجازه فيما تبقى من وقت قصير، يبقى السبب الثالث وهو ان الذين تقدموا للامتحان في الدورات السابقة يحتاجون الى امتحانات تكميلية لأكثر من عام، وبالتالي فإن الوزارة ستجد نفسها أمام أعباء عقد اكثر من امتحان في العام الواحد.
فيما يتعلق بإصلاح التعليم، بدأ الدكتور الرزاز “بتفكيك” الازمات داخل الوزارة، خاصة مع نقابة المعلمين ومع الجسد التعليمي بشكل عام، كما فتح حوارات مع المعنيين بالعملية التربوية وخاصة أولياء الأمور، ووجهة نظره هنا هي ان التعليم بحاجة الى تطور جذري، ليس فقط في مضامين الكتب، وانما في المناهج والمهارات والأساليب، بمعنى ان العملية لا تقتصر على الإجابة عن سؤال ماذا نقدم للطلبة ، وانما كيف نقدم لهم، وهذا يحتاج الى انتقال العملية التعليمية من داخل العنف والمدرسة الى المجتمع والحياة اليومية بحيث يصبح التعليم منسجماً مع متطلبات وعي الطلبة على مجتمعهم وعلى العالم ايضاً.
هذا يحتاج الى تغيير في قناعات المجتمع اولاً، وفي مواقف النخب المحافظة التي تعتقد ان قطار “التغيير” سيمس او ربما يهدم الهوية التعليمية، خاصة في اطارها الديني والوطني، ولهذا فإن العبور للهدف يتطلب اولاً تطمين المجتمع على سلامة الهدف وثانياً مشاركة الجميع – وخاصة المعلمين- بالقرارات التي ستتخذ، وثالثاً عدم تكرار فكرة “الصدمة” والترقيع التي رافقت التعديلات الأخيرة، ورابعاً إيجاد أطر جديدة لدمج “الآباء” في عملية التطوير، كشركاء وليس كمتلقين او متفرجين فقط، ثم خامساً تقديم العملية التطويرية بصورة شاملة وعميقة ومقنعة ومن خلال لجنة من الخبراء الذين يحظون بثقة الجميع واحترامهم.
تبقى ملاحظة هنا، وهي ان لدى وزارة التربية ثلاثة ملفات أساسية: التدريب ، والمناهج، والامتحانات، وهذه الملفات مرتبطة ببعضها، وبالتالي فإن أي قطار “للتغيير” لا بدّ ان يمر بهذه المسارات، خذ مثلاً الملف الذي يتعلق بتأهيل المعلمين وتدريبهم باعتبارهم “قطب” الرمي للعملية كلها، هذا التدريب يفترض ان يتجاوز المألوف لأنه لا يمكن انتاج معلم مهني من خلال مساقات تدريبية كتلك التي تعودنا عليها لغايات الترفيع او غيرها، وخذ ايضاً الملفين المتعلقين بالمناهج والامتحانات اللذين يحتاجان الى رؤية “خارج الصندوق” لكن الأهم من ذلك هو ان تبقى هذه الملفات تحت اشراف وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي، حتى لو تم انشاء مؤسسات مستقلة لإدارتها، وذلك لضمان الحفاظ على ثقة الناس بما يصدر من مقررات في سياق التغيير، والحفاظ على اعتبارات وجود الوزارة التي تتحمل مسؤولية ذلك.
أدرك تماماً ان أمام وزير التربية والتعليم د. الرزاز مهمة صعبة وطويلة، لكن اصلاح التعليم أصبح ضرورة وطنية، ومن واجبه ان يقتحم الاسوار التي ارتفعت بفعل عوامل عديدة لإبقاء الوضع على حاله، فهل سيفعل ذلك؟ قولوا ان شاء الله.
الدستور