في لقائه يوم امس الاول مع رؤساء تحرير الصحف المحلية ، تطرق جلالة الملك ، قلب الاردنيين النابض بمحبتهم ، والمتألم لألمهم ، الى ثلاث قضايا لفتت الانتباه ، وزرعت الأمل بمستقبل واعد للاردن ، فكانت كلمات جلالة الملك ، لمن يسمعها بقلب مفتوح ، بعيدا عن تاريخ طويل من التشكك ، اصبح سمة العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الوطن العربي ، وبعيدا عن التشويه الذي دأب البعض على ممارسته دوما ، كلما وقف امام لوحة جميلة ، من لوحات الانجازات الوطنية ، كانت كلمات ملك الوطن ، انجازات تقدمية حقا ، لملك يعمل بلا كلل او ملل ، يجوب الدنيا كلها ، لرفعة الاردن ، ومستقبل اجيال ابنائه القادمة .
لقد اكد جلالة الملك على منع توقيف الصحفيين بسبب النشر ، ان ذلك يعني ببساطة ان حرية الكلمة مصونة ، والقانون هو الفيصل في حال الاساءات الشخصية ، التي لا يجب ان تكون يوما ، عائقا امام الحرية ، فالقانون هو الذي سوف يؤطر الحرية ، ويضع حدا للتجاوزات الغير مبررة ، هذا هو الحال في كل الدول المتقدمة والرائدة في مجال الحريات .
لقد اصبح الاردن منذ سنوات ، رائدا من رواد الحرية الصحفية ، وهنا لا بد من الاشارة الى دور الصحافة الالكترونية ، وعمون في مقدمتها ، التي اصبحت غذاءا يوميا للمواطن الاردني ، بما تمتاز به من سبق صحفي ، وجرأة في نقل التفاصيل ، وفي جس نبض المواطن بقضايا الوطن ، وقد ساهمت بتحقيق اكبر قدر من الشفافية ، فازالت الضبابية ، والغت الحواجز، فاصبح المواطن والمسؤول وجها لوجه ، واصبح المواطن على دراية بكل المعطيات ، وبمبررات كل القرارات ، فلم يعد هناك قرار يهبط فجأة ، بل اصبح المواطن يتوقع كل قرار قبل صدوره ، وبالتالي كانت الاغلبية الساحقة من المواطنين ، تقتنع بهذه القرارات ، وتحلت الحكومة بقدر كبير من المصداقية ، ولعل ظاهرة ارتفاع اسعار المشتقات النفطية وسلع اخرى ، ثم تخفيض هذه الاسعار عندما تلاشت مبررات الرفع ، هي اكبر شاهد على هذه المصداقية ، فاذا قورنت هذه الايجابيات ببعض السلبيات ، التي تتمثل في المبالغة غير المنطقية ، وفي التجريح الشخصي ، فان هذه السلبيات ، سوف تفقد بريقها مع تعمق الديمقراطية وتجذرها ، ومع تزايد وعي المواطن ، وقدرته على الفرز بين الغث والسمين ، اضافة الى قدرة القانون على لجم هذه الاساءات .
اما قضايا المرأة ، التي تطرق لها جلالة الملك في حديثه امس للصحفيين ، وتأكيده على ضرورة وقف الاساءة لها ، فان هذا تكليف للاعلام ، وهو صاحب الدور الأبرز في تشكيل ثقافة المواطن ، كي يسلط المزيد من الضوء على قضايا المرأة ، وكي يصبح نهجا دائما لا موسميا ، مدعوما بالقوانين والتشريعات ، التي تحقق هذا الهدف النبيل ، وها هو الملك الذي ابتدأ البنيان منذ سنوات ، وحقق للمرأة انجازات ضخمة ، يستمر في اعلاء البنيان ، من خلال الايعاز بتعديل التشريعات التي تضمن حقوقها ، ومن خلال التوجيهات المستمرة للسلطة التنفيذية ، فكان تعديل قانون الاحوال الاجتماعية ، واقرار الكوتا النسائية في مجلس النواب ، وغيرها من القوانين التقدمية ، التي ساهم بعض ممثلي الشعب ومؤسساته المدنية مع الأسف بمقاومتها ، وتميز الاردن بتعيين النساء في مواقع المسؤولية العليا ، متقاربا ، لا بل في بعض الاحيان متجاوزا في نسبته ، مع ما هو قائم في دول العالم المتقدم .
اما قضايا الطفل ، ففي طرح جلالة الملك لها ، امام ممثلي السلطة الرابعة ، لهو اكبر دليل على انسانية الحكم في الاردن ، وعلى سعي جلالة الملك الى الوصول بالاردن ، الى قمم المجد ، فمقارنة حال اطفال الاردن مع حال الاطفال في الكثير الكثير من دول العالم الثالث ، غير واردة في اذهان ابناء الاردن ، وهي مقارنة غير عادلة ، لما يعيشه ابناء الاردن من مستوى راق من الاحساس بالطفولة ، والتعاطف معها ، والتسابق في رعايتها ، ومع ذلك يسعى الملك ، الى المزيد المزيد من الانجازات الوطنية في هذا المجال .
بكل مشاعر الفخر ، اصبح الاردن معلما بارزا من معالم التقدم والرقي في العالم ، ففي الاردن ملك يحس باصغر معاناة للمواطن ، قبل ان يتفوه المواطن بها ، واصبح الاردن تحت قيادته ، نبراسا لكل لكل من يسعى الى عزة شعبه .
m_nasrawin@yahoo.com