أمن الأردن «المُقوض» وسر قلق أعدائنا !
رجا طلب
13-03-2017 12:37 AM
لازالت بعض وسائل الإعلام تحاول ترويج تقرير « هآرتس « المنسوب للسفيرة الإسرائيلية لدى الأردن عينات شلاين والذي نشر منذ أيام تحت عنوان « الوضع في الأردن يتقوض « على اعتبار انه بات حقيقة لا غبار عليها ، رغم النفي الرسمي للخارجية الإسرائيلية لهذا التقرير.
السفيرة شلاين ووفق مسؤولين مهمين أكدوا لي أنها صديقة للأردن ونظرتها له ايجابية جدا وتعمل على خدمة العلاقات الثنائية بصورة مميزة ولذلك فهم يعتقدون أن تقرير هآرتس ليس صحيحا.
بالتدقيق في تقرير هآرتس لم أجد أية معلومة تتعلق بالأمن بالمعنى الفني للأمن ، لا عسكريا ولا استخباريا ولا حتى مجتمعيا ، فالتقرير خلا تماما من الغوص في تقديرات أمنية تتعلق بوضع المملكة أو قدرات جيشنا أو أجهزتنا الأمنية ، والغريب والمستهجن أن التقرير اتخذ من الوضع الاقتصادي في الأردن « قنطرة « للحديث عن الأمن بشكل عام وهي محاولة كشفت مدى ركاكة التقرير وعنوانه « المثير عديم المضمون «.
« القنطرة « تحدثت عن الأزمة الاقتصادية العامة في الأردن من عجز الموازنة إلى سياسات رفع الأسعار التي تثير تذمر الشارع وتراجع المساعدات الخارجية ، وزيادة حجم البطالة وارتفاعها إلى 16 % ، بالإضافة لازمة اللجوء السوري وما يشكله من تحد للبنى التحتية الأردنية ولسوق العمل وخلق الاختلالات فيه ، وهي كلها معلومات تعتبر عادية ويعرفها الأردنيون من نخب وعاديين ولا تشكل من الناحية العملية تحد أمنd يمكن أن يكون نذير خطر مثلما ذهب التقرير.
التقرير ذاته تجاهل بشكل « متعمد « الكثير من التحديات السابقة للأردن ومن أبرزها السنوات « العجاف « التي اصطلح عليها « الربيع العربي « ، حيث اثبت الأردن شعبا ودولة ومؤسسات كفاءة منقطعة النظير في الدفاع عن « الوطن « ، فالأزمة الاقتصادية العالمية كانت وقتذاك تلقى بظلالها على الوضع الاقتصادي الأردني بصورة كبيرة جدا ، وكانت الحراكات الشعبية المأخوذة بسحر « ميادين عواصم الأشقاء « في أوجها ، وكان التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي اقتنص الحكم في مصر يطمح في « اقتناصه « في الأردن ومع ذلك ماذا كانت النتيجة ؟؟
نجح الأردن في الحفاظ على استقراره الداخلي وبتوافق وطني مهد لإجراء انتخابات نيابية عام 2013 في وقت كان الإقليم كله يعاني من ارتدادات « الفوضى الأميركية الخلاقة « وكان الحديث عن تنظيم انتخابات في ذلك الوقت هو أشبه ما يكون بالحلم أو الجنون السياسي.
واستمر الأردن بذات اللياقة في الإدارة والحكم من الصمود والتحدي في مواجهة تداعيات ظهور تنظيم داعش في أواخر عام 2014 ومازال ، بل كان هذا الصمود واحدا من « الصدمات « حسب الوصف الذي استخدمه اوباما في الحديث عن الحالة الأردنية قبيل مغادرته البيت الأبيض و اعتبر الأردن من بين أهم الدول الصديقة في « المنطقة « التي تسيطر على أمنها دون أن تشكل عبئا إضافيا على واشنطن مثلما هي إسرائيل وغيرها من الدول الأخرى وبالطبع منها دول عربية ، وأشار إلى نجاح الأردن في إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة كدليل على عافيته السياسية والأمنية.
من الملفت أن تقرير هآرتس المنشور في الثامن من الشهر الجاري ، أعاد إنتاجه صحافي في جريدة لبنانية تابعة لحزب الله مستندا لأراء محلل سياسي أردني ، بذل هذا المحلل جهدا كبيرا من اجل اعتبار ما نسب للسفيرة الإسرائيلية مؤشرا خطيرا على وضع الأردن الأمني ، على الرغم من نشر هآرتس مقالا للكاتب تسفي برئيل بعد يومين من ذلك التقرير المنشور فيها يشكك في لياقة وتقديرات ما نشر في صحيفته عن الأردن وهو ما يعد نفيا أدبيا لما نشر.
من المفاجآت غير السارة لليمين الإسرائيلي الذي اخترق هآرتس بهذا التقرير أن جلالة الملك عبد الله نجح في إحداث انقلاب في قناعات الرئيس ترامب بشان القضية الفلسطينية بعد أن ترسخ في ذهنه أنها قضية منسية ، فقد نجح جلالته وفي تحد واضح لنتنياهو في إقناع الرئيس ترامب بان القضية قضية العرب المركزية وان إغفالها سيبقى « منبعا « للإرهاب وان عليه التواصل مع السلطة الفلسطينية وإحياء مبدأ حل الدولتين بعد أن كان نتنياهو واللوبي الليكودي في أميركا قد اقنعوا ترامب بان السلطة جاهزة لتقديم التنازلات المطلوبة دون الحاجة لتدخله أو تدخل إدارته.
Rajatalab5@gmail.com
الرأي