هذه كارثة كبرى، تتنزل علينا، ولأنها تأتي بالتقسيط، فلا احد يتنبه اليها، كارثة تتسبب بمقتل المئات سنويا، وجرح عشرات الالاف، وخراب بيوت كثيرين، جراء الموت والاصابات والكلف المالية.
نحن لسنا بحاجة الى حرب ولا الى ربيع عربي، اذ إن عدد ضحايا حوادث السير، اكبر من ضحايا تلك الظروف، ويقال هذا الكلام لاولئك الذين يهونون من الأمور.
لنتأمل في الأرقام، مثلا، اذ بحسب الاحصائيات بلغ عدد الحوادث خلال عام 2014، 102 ألف و441 حادثا نتج عنها 688 وفاة، و14790 جريحا، وبالنسبة لاحصاءات عام 2013 فقد بينت أن مجموع الحوادث بلغ 107 آلاف و864 حادثا، نتج عنها 768 وفاة، و15954 جريحا، وهذه الأرقام ترتفع قليلا، وتنخفض أحيانا، في بقية السنين.
الذي يجمع عدد القتلى منذ اول سيارة دخلت الأردن، وعدد الجرحى، حتى يومنا هذا، سيكتشف رقما مرعبا، وربما دخلنا خانة مئات الالاف، وهذا امر مؤكد.
كلما زاد عدد السيارات، زاد عدد الحوادث، وعلينا ان نفكر قليلا، في أولئك الذين يموتون جراء التهور، وسوء الطرقات، وغير ذلك من أسباب، وعدد الذين يتعرضون لمشاكل صحية مؤقتة او دائمة، تترك اثرا على حياتهم.
كل السياسات فشلت في وقف هذه المذبحة اليومية، فالطرقات في أسوأ حالاتها، والسيارات من اقدم الموديلات والنوعيات، وقطع الغيار مزورة وغير اصلية، وكل ما يهم الجهات المختصة، جباية المال عبر المخالفات، وشركات التأمين والمستشفيات تتكبد كلف تصل الى مليارات الدولارات، فهي فاتورة غير مسبوقة في تاريخ البلد.
برغم كل هذا، لااحد يبذل جهدا حقيقيا للوقوف عند هذا الملف، وهذا استنزاف غير مسبوق، للدم والموارد معا، وهل يعقل ان نتحدث عن الامن والأمان، وان الله جنبنا أزمات الجوار، ونحن نقدم بكل هدوء هذه الأرقام المذهلة بصمت بالغ، لولا التغطيات الإعلامية المتقطعة، للحوادث التي تقع بين وقت وآخر؟!.
آخر الحوادث ما وقع قبل يومين على الطريق الصحراوي، فالشاحنة تسير بدولاب قديم جدا، فتنحرف وتصدم باصا في الجهة الأخرى، ليأتي السؤال أصلا، عن كيفية ترخيص الشاحنة بإطار قديم، وهل تم ترخيصها بأطار جديد مؤقتا حتى تأخذ رخصتها، ثم تمت إعادة الاطار القديم؟!.
ثم مالذي يجعل عشرات المحال التجارية تبيع أطرا مستعملة، وهذا امر ليس سرا، اذ بإمكان أي سائق شراء اطار مستعمل والاستفادة منه، مثلما هي الحال مع عشرات محال قطع الغيار المقلدة والسيئة جدا؟!.
ثم اين الكلام عن معالجة مشاكل الطريق الصحراوي، التي باتت تقتل الأبرياء يوميا، وبحيث تحول الطريق الى الجنوب الى مصيدة للبشر، ولماذا لاتهتم الحكومات بهذا الواقع، بدلا من كثرة التنظير علينا، بأخطاء السائقين فقط، وغير ذلك من نقاط ضعف يتم الهروب اليها، وتغطيتها بحلول مؤقتة؟!.
ملف حوادث السير في الأردن، يراه كثيرون ليس مهما، لكنه يتسبب سنويا، بمذابح لايمكن التخفيف منها، فنحن امام كارثة كبرى، لاتختلف في نتائجها، عما تتسبب به حروب الجوار، وفتنه وازماته؟.
الدستور