في مقال غير مسبوق اتحفنا سفير دولة الكويت في عمان الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح، بوجهة نظر محترمة إزاء دبلوماسية الملك وعلى نحو خاطب فينا مشاعرنا بأسلوب نزيه محترم، وتلك سمة اتصف بها الشيخ السفير منذ تسلمه مهامه سفيراً للكويت في عمان، خاصة وهو يظهر حبا خاصا للاردن، بكل مكوناته القيادة والشعب والأرض على حد سواء.
سفير الدبلوماسية الكويتية يعبر بكلام مكتوب عن إعجابه بالدبلوماسية الأردنية التي يقودها الملك، والسفير الطيب هو ابن العائلة الأميرية الحاكمة في هذا البلد الشقيق، أثار فينا هاجس الحديث عن دبلوماسية الملك ولكن برؤية وعين كويتية هذه المرة، فالملك أراد مخلصا وبمجرد انتهاء فترة الحداد الرسمي على وفاة الراحل الملك الحسين رحمه الله، ان يقول للزعماء العرب وغير العرب في المنطقة، أن فلسفة الحكم عنده تستند إلى حتمية بناء علاقات أخوية طيبة مع الجميع بلا استثناء، ولكن على قواعد الندية والاحترام المتبادل والتعاون الايجابي الذي يخدم المصالح المشتركة ابتداء، ثم القضايا العربية والإسلامية ثانيا، فالمصالح الدولية الإنسانية تالياً!.
تلك السياسة الواقعية التي ينتهجها الملك وحكومة الملك، محورها دبلوماسية هادئة تسعى لاستقطاب صداقة الآخرين، ولكن ليس على حساب الندية والاحترام المتبادل، فالأردن في شرعة الملك ليس تابعا ولن يكون إلاّ لمصالحه ولمستقبله، ومن يرغب بالتعامل على هذا الأساس فأهلاً وإلاّ فلا مجال للخضوع أبداً!.
زار الملك العالم العربي كله، وزار البلاد الإسلامية وجميع دول النفوذ في هذا العالم، وغيرها ممن يمكن للأردن أن يقيم علاقات تعاون معها، وتحدى مقولة من ليس معي فهو ضدي، وسعى لعلاقات متوازنة مع الجميع ما دام ذلك يحقق مصلحة وطنية أردنية، فالأولوية هي للمصالح الوطنية بلا منازع، ورفض الملك منهجية الاستحواذ أو الاحتواء أو الهيمنة التي حكمت فكر البعض، حتى لو أدى ذلك إلى تراجع عدد الأصدقاء، فالأولوية هي للندية في العلاقات والأردن ليس في جيب احد ولا يهادن على حساب مصالحه العليا، وتلك مبادئ جهلها كثيرون سقطوا على الطريق حتى الآن وسيلحق بهم آخرون ممن توهموا أن الدبلوماسية الأردنية باتت بأيديهم فتصرفوا بغباء منقطع النظير، ودفعوا الثمن الذي وجب أن يدفعوه وأكثر بإذن الله عما قريب!.
نعم دبلوماسية الملك ذات مذاق خاص، ولذلك أسبابه ومبرراته، فهو ملك هاشمي يتحدر من أصلاب ملوك هاشميين لهم في ميادين الأنساب المشرفة نسب أكثر شرافة، وهو إنسان يجسد وبالفطرة شيم الرجال الأصلاء الذين يطاول الحياء في شخوصهم رفعة المكان والزمان استناداً إلى خلق عربي إسلامي إنساني مهيب، ومن كان هذا هو قدره الجميل، لا يمكن له ان يغدر او يتخاذل او يهون لا قدر الله، ومن كان هذا هو شأنه، لا يمكن له إلاّ ان يكون كريماً متسامحاً عفاً شهماً وأبياً وفارساً بكل ما في الكلمة من معنى، ومن هنا فقد تشكلت دبلوماسية الملك وفق قيم النزاهة والأنفة والعفة ورفض الانصياع أو التبعية الا لمصالح الوطن ووجوده وحاضره ومستقبله!.
نعم.. دبلوماسية الملك ذات طابع خاص، ولذلك الكثير من أسبابه ومبرراته، فهو انسان يرتبط بفراسة الانتساب وعظمة النبوة ورفعة النسب، ولذلك استحقاقاته والتزاماته، ومن كان هذا هو شأنه فلا مجال الاّ أن يكون أصيلاً، وللأصالة مواصفاتها، وقطعاً فالهاشميون عشيرة محمد صلوات الله وسلامه عليه، رفعة في الأصالة ليس كمثلها رفعة، ومن هنا، فليس لهم من سبيل إلا أن يكونوا غاية في الحلم والعلم وفروسية الخلق والسلوك، ويقيناً فان ذلك كله لا بد وان ينتج دبلوماسية نهج فريد ليس كمثلها دبلوماسية.
وهذا هو ما يمثله الملك.