انتشار الدوريات الامنية يبسط هيبة الدولة
د. بشير الدعجة
12-03-2017 12:22 AM
تحويل مدنا وشوارعنا الى ثكنة عسكرية ..هل يخدم المواطن وأمنه... وجاذب للتاجر واستثماراته... أم انه اجراء طارد للسياح والاستثمار...ومصدرقلق وخوف عند المواطن؟!!!!!.
العناوين الفرعية : -
• انتشار الدوريات الامنية المخطط له والمدروس يعزز حالة الامن ويبسط هيبة الدولة.
• الامن العام مازال يمارس طرقا تقليدية بدائية في ملاحقة المطلوبين والخارجين عن القانون... ولابد من اتباع اساليب فنية احترافية عصرية .
• اجراءات الدوريات الامنية واساليبها مصدر ازعاج واستفزاز – احيانا - للمواطن ...ومضيعة لوقته ومصالحه.. وقد تمس كرامته.
• يتساءل المواطن عن سبب تأخر أو تلكؤ دوريات النجدة عند الاستغاثة بها او طلب النجدة منها؟!!!!!!!!!!!!!.
• نشر الدوريات الامنية بالزي المدني يخدم العملية الامنية أكثر من نشرها بالبزة العسكرية.
• تعامل بعض طواقم الدوريات الشرطية مع المواطن بفوقية ( وجلافة ) وجميع المواطنين موضع شبه واتهام.
• اجراءات التفتيش للدوريات الامنية بعيدة كل البعد عن ابسط قواعد وأصول التفتيش الامني ... ولا بد من التثقيف والتدريب العملي الميداني.
جميع اجهزة الشرطة في العالم تنشر دوريات لها على مدار الساعة منها الراجلة والالية والاكترونية... تهدف من هذا النشر المحافظة على الامن والامان والنظام العام الداخلي و كذلك فرض هيبة الدولة داخليا .... اضافة الى الادوار التقليدية من منع الجريمة و الحيلولة دون وقوعها والقاء القبض على مرتكبي الجرائم ... فالدورية تقوم بدور وقائي و دور رادع بنفس الوقت .
ان وجود الدوريات و انتشارها المنظم (الثابت) و العشوائي (غير المحدد بنقطة معينة) يبسط الامن و الامان و يشعر المواطن بهذه النعمة و يصاب بنوع من الثقة و الامان لينطلق الى اشغاله و اعماله مساهمة منه في بناء الوطن .... كما ان الدوريات هي الاقرب الى المواطن و اسرع الطرق للوصول اليه حال حدوث مكروه لديه .
و تلجأ اجهزة الشرطة الى زيادة اعداد الدوريات و افرادها او تقليصها حسب الاوضاع الامنية الداخلية و نسبة انتشار الجريمة ...والتنبؤ امنيا بحدوث مشاكل امنية و الاستعداد اليها استعداد تاما ومنها نشر الدوريات .... وجهاز الشرطة الاردني ليس ببعيد عن هذه المقدمة .... فهو يعمل ضمن منظومتها الشرطية ... و سأتناول في مقالتي التحليلية السلبيات و الايجابيات لعمل الدوريات الشرطية في وطننا الاردن الحبيب.
ان من حق جهاز الامن العام نشر دوريات الشرطة المختلفة للمحافظة على امن الوطن و المواطن والحيلولة دون وقوع الجريمة و فرض سيطرة الجهاز و هيبة الدولة في كل شبر من ارض المملكة... فالأمن اولا اذا ما اعترض مع اي مجال من مجالات الحياة مهما كانت اهميته .... فنحن مع جهاز الامن العام في ذلك قلبا و قالبا... وقد يستاء بعض المواطنين من كثرة انتشار الدوريات في الشوارع الرئيسية و الفرعية وبين الاحياء السكنية ... لكن اهل مكه ادرى بشعابها.... فقد يكون هناك امرا امنيا او التنبؤ بحدوث طارئ امني ليس من الاهمية اطلاع المواطن عليه فيستغرب من انتشار الدوريات و زيادة عددها فيصيبه نوع الغضب والتذمرمن كثرتها وما يترتب على وجودها من اجراءات تمس المواطن في وقته و عمله و حريته واحيانا كرامته.... الخ... ولكن لو يعرف المغزى من انتشارها لوقف احتراما و تقديرا لجهاز الامن العام و يطالب بزيارتها ..... هذا حال لسان مسؤولي جهاز الامن العام ... بعض المواطنين خاصة هذه الايام يقولون ان الاردن تحول الى ثكنة عسكرية من كثرة انتشار الدوريات الراجلة المتحركة ... فبين كل دورية و دورية دورية تقوم باستيقافه و الاستفسار عن هويته و التحقق و التدقيق عليه امنيا ... و قد تصدف ان في الشارع الواحد اكثر من دورية و تمارس نفس الاسلوب و الاجراءات مع المواطنين مم يثير غضبه و استفزازه .... و يتساءل اليس هنالك تنسيق بين هذه الدوريات على الاقل ضمن المنطقة الجغرافية او الشارع الواحد ؟!!! ... لماذا لا يكون هنالك الية امنية معينة لا يتم بموجبها توقيفه و تدقيقه اكثر من مرة ؟!!! ... لان في هذه الاسلوب مضيعه لوقته و وقت و جهد الدوريات كافة ... فعملها مكرر مع هذه المواطن... و الاجدر ان يكون هنالك الية تنسيق واضحة بدلا من التخبط والعشوائية التي ترتكبها و تمارسها هذه الدوريات ... اضف الى ذلك ان ايقاف اكثر من مركبة في وقت واحد هو اجراء سلبي ويؤثر على المواطن ... فيضيع الوقت في الانتظار و الترقب حتى يصل اليه الدور بعد فترة ليست بالقصيرة وقد يكون لدى المواطن اعمال مستعجلة و مواعيد هامة قد يترتب على هذه التأخير خسائر مادية و معنوية كثيرة ... فمن الافضل ايقاف سيارة واحدة و تفتيشها و بعد التحقق منها يتم ايقاف سيارة اخرى و هكذا احتراما للمواطن و وقته... قد تكون هذه الالية ضمن التعليمات الصادرة من مديرية الامن العام ... لكن التطبيق الواقعي لها من قبل الدوريات غير مفعل .
كذلك ان توقيف حافلة تضم بداخلها اكثر من ثلاثين راكبا و التدقيق عليهم واحدا واحدا ما هو الا اجراء عقيم ومضيعة للوقت و اضرار بحق المواطن و مصالحهم ... فهذا ليس بأسلوب حضاري للتعامل مع المواطنين بل هو انتهاكا لكرامة البعض و وضعه موضع الشبهة... خاصة ان بعض رجال الامن العام اثناء التدقيق الامني يستعملون اساليب استفزازية و النظرة الفوقية قد تصل في بعض الاحيان الى عدم احترام المواطن .
ان اجراءات التفتيش التي تقوم بها بعض عناصر الامن العام اجراءات هامة و نثني عليها كاجراءات امنية الهدف منها المحافظة على الامن و النظام ... و لكنها للاسف ليست بالاساليب و الاجراءات الاحترافية المهنية المتميزة لدى البعض ... و بعض الاحيان تكون الاجراءات روتينية غير دقيقة ( رفع عتب ) اي انه تم التفتيش او اننا نلتزم بواجب التفتيش بغض الطرف عن ان التفتيش أكان دقيقا ووفق الاصول و جرى تفحص المركبة و الاشخاص بداخلها بشكل دقيق متأني محترف ...أم هو واجب لا بد من تغطيته بأي طريقة أو اسلوب.
ان بعض افراد الشرطة عند التفتيش ليس لديهم ابسط قواعد و اصول التفتيش ... فيقوم بالعملية و كأنه يفتش مركبة او شخص عزيز عليه ... او صديق له يعرفه معرفة جيدة دون اتخاذ كافة الاجراءات الاحترازية و سبل السلامة للحفاظ على حياته و حياة من معه في الدورية ... فما زالت الطيبة الاردنية مسيطرة على عقلية رجل الامن العام في كل المواقف الامنية و منها التفتيشية مما ترتب عليه استشهاد بعضهم اثناء عملية التفتيش و التدقيق و الشواهد كثيرة لا مجال لذكرها في هذا التحليل.
ان من السلبيات التي يرتكبها بعض افراد دوريات الشرطة بمختلف انواعها تنم عن ضعف في التدريب وتدني للحس الامني لدى البعض ... فاثناء عملية التفتيش او ايقاف المركبات نجد البعض منهم يقف في منتصف الشارع و يعطي اشارة التوقف لسائق المركبة و هذه اسلوب خاطئ يعرض حياته للخطر خاصة اذا كان سائق المركبة مطلوبا لبا لدوائر الشرطة او القضاء ... فلن يتردد بدهسه و الفرار و هذا – وللاسف – يحصل باستمرار... واتساءل هنا الم يتم تدريبهم على كيفية الوقوف الامثل للمركبة ولافراد الدورية ؟!!!... الم يتم تثقيفهم امنيا بضرورة رفع درجات الحس الامني لديهم الى اعلى مستواياته اثناء عملية التفتيش؟!!! ... الم يتم تدريبهم على اصول و قواعد التفتيش الصحيحة ؟!!! ... الم يتم تدريبهم عمليا و ميدانيا على كيفية توفير سبل السلامة لهم اثناء التفتيش؟!!! ... ان بعض المواطنين يستاء كثيرا من اساليب بعض رجال الامن العام اثناء استيقافهم و الاستفسار عن هوياتهم و تدقيقهم امنيا ... و هذه الاساليب تمس احيانا من كرامة المواطن ... فيتم سؤاله باسلوب استفزازي و غير محترم ... و النظرة اليه كانه انسان متهم و مطلوب امنيا ... حتى عندما يثبت العكس بانه مواطن سوي وغير ملوث امنيا... يتم التعامل معه بصورة فوقية... وهذا نقص تثقيفي وتدريبي لدى البعض ... فرجل الامن العام يجب عليه ان يعي جيدا ويفهم ويثقف بأنه خادم امني للمواطن ... وسبب وجوده المواطن من اجل خدمته والمحافظة على أمنه وامواله واعراضه وممتلكاته... وليس كما يعتقد البعض منهم بأنه اي - رجل الامن - مواطن سوبر ( فوق العادة ) ... وما المواطنين بنظره الا متهم او مشتبه به ... ويجب التعامل معهم ( بجلافة و خشونة ) او قد تصل معاملة المواطن عند البعض الى درجة عدم الاحترام.
ان المواطن الاردني مثقف ومتفتح امنيا يعرف ما له وعليه اثناء تعامله مع رجال الامن العام سواءعند مراجعته دوائر الشرطة او اثناء توقيفه من قبل دورية شرطة...ففي الحالة الثانية على رجل الامن العام ضرورة التعريف بنفسه وابراز بطاقته الشرطية للمواطن او(الباج) ان كن يرتدي الزي المدني وليس البزة العسكرية فهاذا واجب يجب القيام به من قبل رجال الامن العام عند استيقافهم للمواطن...والمواطن في اغلب الاحيان يطالب رجل لامن العام بتأكيد هويته ليطمئن قلبه بأنه يتعامل مع رجل امن عام وليس شخص منتحل صفة رجل امن عام...وعلى رجل الامن العام ان يشعر بسعادة والاطمئنان من تصرف المواطن معه...وليس العكس فيبادر بتوبيخه او قد يتعد ذلك الى حجز حرية المواطن...لا بل قد يصل الامر الى توقيفه في النظارة وتحويله للقضاء بتهم كثيرة ابرزها مقاومة رجال الامن العام والاعتداء عليهم.
ان رجل الامن العام يجب ان يكون صدره واسعا وعليه تحمل المواطن وما يبدر منه اثناء عملية استيقافه للتحقق من شخصيته وتدقيقه امنيا ... واذا ما بدر من المواطن قول واستغراب فعليه ان يوضح الامور بكل بساطة وسعة صدر ... وليس تعقيد الموقف ويصعده مع المواطن ... وبدلا من استيقاف والسؤال ... أصبحت هنالك قضية مشاجرة واعتداء على رجل الأمن عام وضرب مواطن ... وهنا على مديرية الامن العام تثقيف رجال الدوريات حول مهارات وفن التعامل مع المواطن ... واقصد هنا المواطن السوي الصالح.
ان تحويل العاصمة والمحافظات الى ثكنة عسكرية جراء انتشار الدوريات وخاصة ذات الطابع العسكري ( الشرطي ) - ان لم يكن له داعي ضروري جدا - يضر بصورة الاردن امام سياحها ويضر بالاقتصاد والاستثمار ... فهو يعكس صورة ذهنية سلبية لدى السائح والمستثمر ويشعره بان الوضع الامني الداخلي غير مستقر وغير مطمئن ... فنشر الدوريات باللباس المدني افضل بكثير من الدوريات باللباس الشرطي ... واتساءل لماذا نشر هذه الدوريات بكثرة ...اين دور اجهزة الشرطة الاخرى باللباس المدني ودورها من تجنيد المصادر والاعين ... يجب الاعتماد على هؤلاء بشكل كبير لمدهم بالمعلومات اول باول افضل من الانتشار المكثف الذي يعكس صدره غير مطمئنة للمواطن والسائح ويؤدي الى نتائج سلبية كثيرة منها الخوف من حدوث اي طارئ امني -لا قدر الله- ... عدا خوف التجار والمستثمرين من دفع اموالهم الى الاسواق ... اضافة الى الترقب والانتظار لدى المواطن من القيام باي عمل استثماري او اجراء معاملات البيع والشراء ... لان الوضع الامني غير مطمئن وهذا حاصل حاليا لدى العديد من المواطنين والتجار والمستثمرين .
ان المواطن يتساءل ما هي اسباب تأخر دوريات شرطة النجدة أو تلكؤها عمدا في سرعة الاستجابة والوصول الى المواطن المستغيث بهم وصاحب الشكوى...سؤال برسم الاجابة لمديرية الامن العام ؟!!!!!!!!!!.
ان الدور الاعلامي الذي يمارس جهاز الامن العام حول طمئنة المواطنين من سبب انتشار الدوريات وتكثيفها في الاونة الاخيرة غير واضح لا بل ضعيف لا بل غير موجود ... وغائب تماما ... بل لم يتطرق الى ذلك ... فالاولى اعلاميا بيان سبب كثافة الدوريات ... وبيان اهدافها لزرع الاطمئنان والثقة لدى المواطن... اضافة على اعلام الدولة ان يبرز صورة ما يدور حولنا في الاقلييم ... وهل له تأثار امنيا على بلدنا ... وطمئنة المواطن والتاجر والمستثمر بدلا من السكوت والصمت الغامض... وللحديث بقية.
الدكتور بشير الدعجة الناطق الاعلامي السابق للأمن العام .