لم يستفد نجل اسامة ابن لادن ، اي شيء ، من براءته من والده ، فقد تبرأ من والده ، في كل مكان ، وصاحب انجليزية ، وتزوجها ، وحاول ان يقول للعالم انه رجل عصري ، ليس كوالده ، فلم يقبله احد وبقي طريدا ، من عاصمة الى عاصمة.
قصة نجل ابن لادن ، تثبت انه لو بقي مع والده في جبال افغانستان ، لكان افضل له بكثير ، غير انه اعتقد انه سيحصل على حياة افضل ، فتبرأ من القاعدة ومن والده ، واراد ان يقول للعالم ان احد ابناء اسامة بن لادن ، مختلف ومتعصرن ، يصادق انجليزية ، ويشاركها فراشها ، ثم يتزوجها ، فترفضه بريطانيا ، في نهاية المطاف ، وترحله اسبانيا ، ثم تحقق معه مصر ، وهكذا ، ليكتشف فقط انه خسر سمعة عائلته ، وخسر عائلته الصغيرة ، ولم يفز الا بالزواج من خمسينية ، كانت لعنة لعناء عليه بكل الاحوال.
مثل هذا ، اخرون في فلسطين والعراق ، يقدمون كل الخدمات ، للاحتلالات ، باشكال وانواع مختلفة ، من التعاون الامني الى التنسيق السياسي ، واي خدمة مطلوبة ، لارضاء الاخر ، والنتيجة تكون انهم مجرد دمى يتم التخلص منها ، عند انتهاء المدة ، ويتم رميهم واستهلاكهم ، في توظيفات كثيرة ، فلا يربح الواحد منهم لا دنيا ولا اخرة ، حتى لو ظن لوهلة ما ان التنازل ، سيخلق شرعية له ، او سيوجد مكانا له ، بين افراد المعسكر الاخر ، ونتذكر بذات الطريقة ، من عملوا مع اسرائيل ، في جيش لبنان الجنوبي ، وحين غادر الاسرائيليون ، جنوب لبنان ، تركوهم كالفئران المذعورة ، تتراكض خوفا من حزب الله ، فقد انتهت غايات التوظيف العسكري او الامني ، مثلما انتهت غايات التوظيف لقصة نجل بن لادن لغايات سياسية وامنية واعلامية ، للقول ان الولد ليس كأبيه ، وان للـ(المجرم) ولدا مستنيرا يصادق ويعشق ويسهر ويتبرأ من الاب (المجرم)غير ان كل هذا التوظيف تنتهي غايته ، عند حاجته الى اقامة في بريطانيا ، فلا يأخذها ، مثلما لم يأخذ كل مقدمي الخدمات المجانية ، اي دخول حقيقي لمجتمعات الاخرين ، وفي حالات ، يتم ادخالهم فتبقى بشرتهم السمراء ، لعنة لعناء عليهم ، مثل حال المترجمين العراقيين الذين تم تسفيرهم الى بريطانيا وامريكا ، وحصلوا على اقامات ، لكنهم لم يحصلوا على كرامة ، ولا كرامات ، فطابور الارتزاق طويل ، طويل جدا.
هذا يعني ببساطة ، ان لا شيء في الحياة ، يستحق ان تتنازل لاجله عن خصوصيتك وعن امتك وعن عائلتك وحياتك الاصلية وشرفك وكرامتك ، لا شيء على الاطلاق يستحق ، لا مال ولا سلطة ، ولا جاه ، ولا شهرة كمثل تلك الشهرة التي حازتها مؤقتا ابنة اخ اسامة بن لادن ، التي تعيش في امريكا اصلا ، والتي لمعها الاعلام الامريكي باعتبارها مغنية سمراء عربية ، وبثوا لها مئات الصور في اوضاع مثيرة جسديا ، ليقولوا ان ابنه اخ اسامة بن لادن ، مطربة ومغنية ، وان الشوك ينجب وردا بمقاييسهم ، وان التشدد يلد نعومة وانوثة وفنا وسهرا ، وان الرمز ليس رمزا ، في ذهنية من يحبه ، اذ ان الاولى ان يؤدب الشيخ ، ابنة اخيه ، ايضا ، لا.. ان يؤدب العالم ، وهي رسائل ذكية جدا ، تمر على البعض ببساطة ، وعندما انتهى توظيف البنت المصون لغايات نعرفها ، تحولت حياتها الى لعنة لعناء ، فأختفت مجددا بعد ان شربوا دمها ، وسحبوا ماء عظمها ، في مشهد ليس جديدا ، والجديد فيه فقط ، هو حسرتنا على هكذا اناس في كل مكان ، يعتقدون انه سيكون لهم مكان ، اذا قدموا خدمات جليلة ، على حساب دينهم وامتهم وسمعتهم وشرفهم وكرامتهم ، فلا ينالون في النهاية سوى لعنة لعناء.
الامر يمتد الى الخدمات التي تقدمها وسائل اعلام عربية ، وبعض الانظمة في شرق المتوسط والعالم الثالث ، فتلك الخدمات التي تقدمها غانية كابنة اخ اسامة بن لادن ، لا تختلف عن الخدمات التي يقدمها زعيم دولة في افريقيا او اسيا ، او اي مكان في العالم ، فالكل يقف في طابور الخدمات ، ويحصل هؤلاء على مزايا مؤقتة ، وطعام مطبوخ بدم العائلة او الشعب ، ورغيف خبز منقوع في دم اطفالنا ، وطابور التوظيف ، لاي غاية ، يتسع زبائن جدد ، غير ان على جميع الزبائن ، ان يتذكروا ان قبلهم ملايين الزبائن الذين تم استخدامهم ثم طردهم من الخدمة بشكل او اخر ، وان بعدهم ملايين الزبائن ، ولا ينال كل هؤلاء سوى لعنة اهلهم وشعوبهم ، وانتقاص قدرهم في الدنيا والاخرة ، ولا يبقى لهم سوى وخز الضمير ، ان كان هناك ضمير اصلا.
بالمناسبة ، هل يستطيع الجاسوس او العميل او المتعاون او المتنازل او المستخدم ، ان ينظر في وجه طفله او طفلته ويبتسم؟ سؤال برسم الاجابة.
m.tair@addustour.com.jo