الزعبي يكتب: صناعة السياسات في مرحلة اللايقين
د. عاكف الزعبي
10-03-2017 04:39 PM
كتب الدكتور عاكف الزعبي
تحت هذا العنوان صدر قبل ايام تقرير عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية في استئناف لافت لانطلاقة المركز التي بدت تعلن عن نفسها على نحو مميز منذ سنتين او أكثر قليلاً وتوجت مطلع العام الحالي بفوز المركز بالمرتبة الاولى بين مراكز الدراسات المثيلة في الدول العربية والاقليم.
التقرير موضوع الحديث انجاز لما يؤمل من مراكز الدراسات الوطنية التي تحتاجها الدول وتسعى من خلالها الى توظيف الخبرات الأكاديمية البحثية المتخصصة في خدمة احتياجات المجتمع والدولة واسناد صناعة القرار الوطني التنموي والسياسي الداخلي والخارجي. ولم يكن مصادفة صدور التقرير عن مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية وهي الجامعة الام ومحط النظر لدور لها في مجال بناء مرجعية للرأي العلمي في قضايا الوطن الاكثر اهمية .
الدول المتقدمة سبقت لبناء مراكز للتفكير في جامعاتها ومراكزها العلمية.
ورعتها حتى صارت جزءاً من ماكينة رسم سياساتها وصناعة قراراتها. ولحقت بها دول اقل تقدماً تبحث لنفسها عن مستقبل افضل مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا جعلت من مراكزها جزءاً من منظومة ادارة الدولة وشريكاً عملياً في مطبخ القرار بعد ان هيأت لها ما تحتاجه من بيئات حاضنه وتمويل وخبراء وقواعد للبيانات والمعلومات في عالم بات عنوان مستقبله المعرفة القائمة على التقنيات المتقدمة لعالم المعلومات والاتصال بصورتها الاحدث التي صارت تعرف بالرقمنهDigitalism.
مراكز الدراسات الفاعلة اصبحت اليوم معلماً من معالم قياس تقدم الدول ومدنيتها ، ومؤشرا على الكثير مما وصلت اليه الدولة من عصرنه واهتمام عال بصوابيه قراراتها وتوجهاتها وجدية اهتمامها بمستقبلها وقدراتها التنافسية في ظل العولمة والتنافس المحموم بين الدول ومشاريعها المكرسة لخدمة مصالحها. وجود مراكز الفكر الفاعلة والمندمجة في منظومة ادارة الدولة ومطبخ القرار لم يعد ترفاً وانما اولوية من الاولويات. فوجودها شرط لتطور الدولة ومؤشر على تطورها في الوقت ذاته، ينظر اليها بمثل اهمية ما ينظر لمؤسسات تنموية حيوية مثل مراكز تطوير انظمة التعليم، ومختبرات البحث العلمي، وكليات تكنولوجيا المعلومات، ومراكز اقتصاد المعرفة، ومجالس التخطيط الاقتصادي ومؤسسات المجتمع المدني.
نأمل ان تكون ادارة الجامعة الأردنية وادارة المركز قد هيأت لقرارها الهام ومبادرتها لاقتحام الدور المطلوب من المركز على صعيد الرأي الوطني على نحو مدروس يفتح الطريق لتعزيز القرار مستقبلاً والسير المتدرج ولكن الواثق بهذا الاتجاه ليسجلا بذلك انجازاً وسبقاً طال انتظاره ، وحافزاً لباقي جامعاتنا ومراكز دراساتنا للسير على ذات النهج بعد ان بخلت كثيراً في دورها في هذا المجال بل صامت عنه دون التفات لواجبها ومسؤوليتها عن تقديم دراسات وبحوث ترتبط بحاجات المجتمع التنموية والسياسية على غرار ما تقوم به الجامعات في الدول الناهضة مساهمه منها في تقديم الرأي العلمي والاكاديمي القائم على البحث في كل ما تواجهه الدولة من قضايا هامه.
الاردن بحاجه ماسه الى مخرجات مراكز الفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية ونتائج الابحاث الأكاديمية الأصيلة، وهو مؤهل من حيث المبدأ لبناء هذه المراكز. ولان يداً واحده لا تصفق فان صاحب القرار مطالب ايضا بالإضافة للجامعات بالقيام بمسؤولياته لتشكيل الحاضنة المناسبة لدعم المراكز الفكرية المؤهلة التي يعتد برأيها في اي تحد يواجه المجتمع والدولة، وبحيث يصبح جزءاً من تقاليد وثقافة الاجيال الاردنية القادمة ان تبدأ بالسؤال عن رأي تلك المراكز في اي مسألة من المسائل الوطنية السياسية والاستراتيجية تماما كما يسأل الامريكيون اليوم عن رأي معهد بروكينغز ومعهد واشنطن ، والاتراك عن رأي مركز سيتا ، والماليزيون عن رأي مركز بوبيان، والكوريون عن راي معهد كوريا للشؤون الخارجية والامن القومي.