كثيراً ما تحولت التعليقات على الحيطان بالغرافيتي إلى حوار بين عدة أشخاص. دخل أحدهم مكتب البريد في لندن ليشتري طابعاً من الجهاز الأوتوماتيكي لبيع الطوابع، فوجده مكتوباً عليه: «هذا الجهاز عاطل عن العمل». فأخرج الرجل قلمه وكتب عليه في سورة غضب: «ألا يوجد أي جهاز أو أي رجل يعمل في هذا المكان»؟ عاد في اليوم التالي فوجد عبارة جديدة كتبت عليه تحت ذلك السؤال: «نعم. أنا أعمل هنا! أنا الذي كتب هذا الجهاز عاطل عن العمل»!
وعلى لوحة المكتب الاستشاري للعائلة كتب أحد المارة: «استشر المجرب ولا تستشر الحكيم». جاء شخص ثان فكتب تحتها: «فكر أولاً فيما هو مشترك بينك وبين زوجتك». وجاء شخص ثالث فأضاف: «المشترك بيننا أننا تزوجنا في اليوم نفسه»!
وعلى ذكر الحكيم والطبيب لاحظ أحدهم إعلانات شركة حبوب أسبرو التي تقول: «لا شيء يعمل أسرع من أسبرو». فكتب على جانب الإعلان: «إذن فخذ (لا شيء) بدلاً منه».
وفي إعلان تجاري آخر، سعت مؤسسة «التايمز» للترويج لصحيفتها بكلمات تقول: «80 في المائة من أعضاء البرلمان يأخذون صحيفة التايمز». وعلق أحد الظرفاء على ذلك وكتب تحتها: «العشرون في المائة الآخرون يشترونها»!
وفي أحد الملاجئ الخيرية علقوا لوحات تقول: «التدخين ممنوع في الفراش». علق أحد الناس على الإعلان: «والنوم ممنوع في نفاضة السجاير». وفي ذات الملجأ الخيري علقوا بطاقة تقول: «مفقودات: عثرنا على نظارات طبية. يرجى من صاحبها مراجعة المكتب لتسلمها». وبعد بضعة أيام وجدوا عبارة أضيفت للبطاقة تقول: «يرجى الكتابة بحروف أكبر. لقد أضعت نظاراتي!»
وبالطبع نجد أن أكثر أنواع الغرافيتي شيوعاً ما تعلق منها بالحب والهوى. وفي الأدب العربي نماذج من ذلك. ونحن جميعاً ملمون بالقلوب المجروحة بسهم وكلمات «فلان يحب فلانة»، ونحو ذلك مما نجده محفوراً على جذوع الأشجار. وهنا أيضاً نجد المرافق العامة من أكثر الأماكن طواعية لهذا النوع من الغرافيتي. دخل أحدهم أحد المراحيض الرجالية فوجد مرسوماً على جدارها قلباً وسهماً وكلمات «جولييت تحب جون». فكتب الرجل تحتها: «إما أن جون مغرور بنفسه وإما أن جولييت دخلت هذا المكان خطأ»!
ساحة طرف الغار، أو ما يسميها كثيرون من العرب خطأ بساحة الطرف الأغر أهم ساحة في لندن، وتجتذب مئات السياح يومياً، وكانت تعشش حولها مئات الحمامات، وبهذا اللقاء الأخوي بين الإنسان والحيوان تحولت الساحة إلى أقذر ساحة في لندن مكللة بذروق الحمام. ورغم كل اللوحات التي علقتها البلدية حولها بكلمات «ساعدوا على نظافة لندن»! فما كان من أحد ظرفاء الغرافيتي غير أن أضاف بقلمه تحت تلك العبارة: «بذبح وأكل حمامة كل يوم»!
عن الشرق الأوسط