لا أعرف ما سوف تسفر عنه زيارة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي والوفد الكبير المرافق له إلى تركيا ، فهذا التعليق يكتب قبل أن تبدأ الزيارة. لكن من حقنا أن لا نتوقع الكثير.
مع أن الاطراف المعنية تعطي طابعاً اقتصادياً للزيارة ، إلا أن الواقع أنها زيارة سياسية بامتياز ، ومن شأنها أن تسر البعض وتغيض البعض الآخر ، حيث أن ممارسات تركيا على الأرض العربية قضية خلافية ، لها أصدقاء وأعداء.
في الجانب الاقتصادي تأتي تركيا في موقع الباحث عن الأسواق لصادراتها الرخيصة والمدعومة ، واجتذاب المستثمرين للانتقال إليها بحجة الحوافز ، وإغراء الأردنيين بشراء مساكن في تركيا لقضاء الصيف ودعم ميزان المدفوعات التركي.
تركيا ليست في وارد الاستيراد من الأردن ، والميزان التجاري يميل لصالحها بشكل فادح ، وليست بوارد الاستثمار في الأردن أو في غيره ، فمحاولاتها مستمرة لاجتذاب المستثمرين الأردنيين ، وبالتالي فإن أي تعادل ، أو انفتاح متبادل ، او اتفاق تجارة حرة بين البلدين سوف يعمل لصالح جانب واحد هو الجانب التركي.
أما في مجال محاربة الإرهاب فإن تركيا ليست الشريك الذي يعتمد عليه ، يكفي القول أن معظم مقاتلي داعش ، الذين جاؤوا من 80 دولة ، مروا بتركيا وحصلوا على مساعدتها لاجتياز الحدود إلى سوريا ، كما حصل بعضهم على دورا ت تدريبية لاستعمال السلاح ، فالمهم في نظر أردوجان هو إسقاط النظام السوري.
تركيا في هذا المجال ليست مع الإرهاب ولا ضده ، فلها أولوياتها الخاصة بها ، وفي المقدمة محاربة الأكراد ودمغهم بالإرهاب ، ومنعهم من الحصول على نوع من الكيان القومي والاستقلال الذاتي.
يبقى أن لتركيا مطامع معروفة في الأرض العربية ، وطموحات ذات طابع عثماني. وقد استولت على لواء الاسكندرون السوري بالتآمر مع فرنسا ، وهي تتطلع إلى شمال سوريا لتحويله إلى منطقة آمنه تحت سيطرتها تمهيدأً لابتلاعها.
الوطن العربي مبتلى بجوار طامعين بأرضه الواسعة ، وموقعه الاستراتيجي ، وثرواته الطبيعية. بعضهم أصلاء على رأسهم تركيا وإيران وإثيوبيا ، وبعضهم الآخر دخلاء مثل إسرائيل. ولهم جميعاً مطامع معروفة في الأرض العربية. يغريهم أن الوطن العربي في حالة ضعف وتفكك ، مما يجعله غنيمة سهلة يسيل لها لعاب الجوار الأقوياء.
تركيا أخذت الاسكندرون ، وإيران أخذت الأحواز ، وإسرائيل أخذت فلسطين ، وإثيوبيا تريد أخذ ماء مصر والسودان.
الرأي