وهذا رأي القيادة ورأي الناس
جميل النمري
10-11-2008 07:15 PM
تلقيت الكثير من الاتصالات الهاتفية، إضافة الى التعليقات على الموقع الإلكتروني لـ"الغد" وهي تثني على مضمون مقال أول من أمس عن "النفاق والتزلف والتخلف".
وقد حظي المقال بأكبر عدد من التعليقات إضافة الى أعلى نسبة إرسال على موقع "الغد" الإلكتروني، والمقصود عدد القراء الذين يرسلون المقال الى آخرين ليقرأوه.
بالنسبة لي كان هذا استفتاء على موقف المواطنين من ظواهر استعراض الولاء بالمبالغة في الإنشاء الخطابي والأغاني والكتابة والإعلانات وغير ذلك. وقد حفلت التعليقات بإضافات وإضاءات على الموضوع، وكلها تنطلق من حب الوطن والحرص على أمنه والقناعة الراسخة بنظامه السياسي وبقيادته الهاشمية التي وفرت على مدى العقود مسارا آمنا لهذا البلد ولأهله الطيبين، وسط أنواء زلزلت كيانات وعصفت بمجتمعات وخلّفت مآسي لا توصف، لكنها - أعني التعليقات - تؤكد نفورها مما تسميه التطبيل والتزمير بما فيه من زيف وتزلف يعطي صورة متخلفة عن البلد وأهله ونظامه ويسيء إلى معاني الانتماء الحقيقي للوطن والحب لقيادته.
الاتصال الذي دفعني للعودة إلى الموضوع جاء من الديوان الملكي بالذات إذ يوافق ويؤيد تماما ما جاء في المقال. وبحسب ما نقل لي المستشار السياسي والإعلامي لجلالة الملك الأستاذ أيمن الصفدي فإن جلالته ومع تفهمه للنوايا الحسنة فإنه يحب أن يرى التعبير عن الانتماء والولاء بحسن الأداء والنزاهة والسلوك القويم، في الإخلاص في العمل والالتزام والحرص والإنجاز من قبل كل مواطن وكل مسؤول في موقعه، في التضامن والتكافل ودرء المفاسد، فهذا ما يقوي الوطن ويحميه ويدعم استقراره وازدهاره.
الإفراط في مظاهر الولاء والتمجيد للزعامة صباح مساء هو من صفات الدكتاتوريات الغاصبة للسلطة والفاقدة للشرعية، وليس الملكيات الدستورية ذات الشرعية التاريخية الراسخة. والأردن اليوم ملكية برلمانية عصرية، ولا تتناسب أبدا مع أسلوب وشخصية مليكها الشاب مظاهر تعود لأزمنة وأجواء سابقة تجاوزها الزمن، ونريد للشباب أن يكتسبوا ثقافة ووعيا بالميزات الحقيقية لنظامهم السياسي الذي يجسد دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الكريمة والديمقراطية والمشاركة ومن حولنا نماذج نقيضة تقول للشباب كل شيء عن هذه الميزات الموروث منها والمكتسب، بينما خطاب التمجيد والتعظيم واعلانات الولاء تفسد هذا الوعي وتخرب عليه، بل وتفسد على مشاعر محبة الناس لمليكهم كما تتبدّى طبيعيا وفي كل مناسبة.
تنويه أخير يتصل بجامعة البلقاء التطبيقية فقد قرأت في عمون أن رئيسها يهاجمني بسبب المقال ويعتقد أنه مستهدف شخصيا، في الحقيقة إنه لم يكن في بالي من قريب أو بعيد. فالصدفة وحدها جعلت اسم رئيس الجامعة، وله كل الاحترام والتقدير، طرفا مع إيراد ملخص الخبر عن يافطة الولاء والانتماء ذات الكيلومترات الثلاثة، والخبر كان مجرد مدخل للكتابة في قضية تلح عليّ منذ وقت، وهو قد يكون غير ذي صلة سوى أنه تلقى دعوة لافتتاح حفل التوقيع، وسياق المقال كما هو واضح لا يستهدفه وليس معنيا بأشخاص أبدا.
jamil.nimri@alghad.jo
...