تسلّم جلالة الملك سلطاته الدستورية و الشعر أسود، ولم يأخذ الشيب من رأسه مساحة ولو قليلة، وما إن مضت السنون حتى تدثّر رأسه بالشيب، فهل هو التقدم بالعمر؟ أم هي المسؤولية وثقلها والأمانة وعظمها؟ بل هما معاً؛ فالملك عندنا "إنسان" بين أهله لا صورة على التلفاز، وجندي بين جنوده، وفارس بين ربعه، ورائد في أمته، لا يعرف الراحة، ما إن تهبط طائرته ليلاً حتى يسري مع "الضو" ليكون مع العسكر في تمرين عسكري يعلن فيه أن الضحى أردني يسطع في يد العسكر !.
"على قلق كأن الريح" تحته ولكنه "يباريها" سرعة؛ فيجوب الآفاق باحثاً عن مصالح شعبه وحمايتها، منحازاً لأمته وقضاياها، في ظل صراعات دولية لم ترحم كيانات وشعوباً، فغُيّرت خرائط وهُجّرت شعوب !.
بعد كل هذا الترحال طلباً لخدمة مصالح وطننا العليا في عواصم العالم، فهل للشيب سكون ؟، إنه في رأس الملك "عز وحشيمة" وبه صار "شيخاً" له "سمت وأبهة"، لا يداريه بل هو على ظهوره حريص؛ حتى قالت جدتي يوماً: "يا ميمتي شيبات الملك مزيّنات جبينه" وكأني بالملك يجيبها بصوته "الدافي":
"وقلت الشيب أهون ما ألاقي
من الدنيا و أيسر ما أداري".
ما دارى سيدنا شيباته بخضاب؛ لأنه يعلم أن الليل لا "يبهى بغير نجوم" ولأنه لا يخشاه، فهو لا يرى فيه غير" حالة إجلال و تكرمة" بعد أن نهض بحمل المسؤولية، و بعد أن نذره" أبوه" الحسين، رحمه الله، لأمته خادماً وراعياً لشؤونها.
سيدي وعميد البيت، شاب الشعر منك وما وهنت همتك ولا لانت عزيمتك، تصل ليلاً بنهار، غير آبه بتعب نهار ولا بسهر ليل، وكأن الشيب فيك "ضياء في الورى وجمال"؛ تسابق الزمن ليطمئن ربعك وتستقر بهم الأحوال وتنأى بهم عن الأهوال - لا قدّر الله - التي تضرب بالإقليم من حولنا. وما شبت إلا لــ "صروف الليالي والخطوب الفوادح" ولكنك "ردّاد الحمل" ورائد أهلك.