أصبح عدد "جروبات" (Groups) الـ"واتس آب" في كل عائلة أكثر من عدد الأحزاب السياسية في الأردن! "جروب" لفراشات العائلة؛ "جروب" لسنافر العائلة؛ "جروب" لخناشير العائلة، "جروب" ننتظر حسن الختام؛ "جروب" لمدمني أرجيلة التفاحتين؛ "جروب" للزنغر و"أقطَع"... إلخ!
"جروب" الفراشات، والذي عادة ما يضم سيدات العائلة فقط، هو أصعب "الجروبات" وأكثرها تعقيدا وهدرا للمال؛ إذ مطلوب من السيدة أن تتابع 24/ 24 ساعة في اليوم، حتى لا يضيع عليها أي طبخة، أو أي موديل جديد، أو أي عروض للتصفية.
عادة ما يبدأ الجروب هادئا بتبادل "صباح الورد" و"صباح العسل" حتى العاشرة صباحا. ومن ثم، ترسل إحدى الكنات صورة لعجينة البيتزا على أنها غداء اليوم. فتكون البيتزا هي الشرارة الأولى التي تشعل "الجروب"؛ فالكل يبدي إعجابه بـ"صحتين" و"اعزمينا" و"أعطينا الطريقة"... أما باقي الكنات، واللواتي كان قرارهن المسبق أن تكون طبخة اليوم ملفوفا أو مفركة بطاطا، فسرعان ما يتراجعن عن تلك الطبخات، وتقوم إحداهن بالرد على تلك الكنّة بإرسال صورة "فخذة خاروف" بجانب اللبن، وأن التحضيرات تجري الآن، على قدم وساق، لتحضير المنسف. فيشتعل "الجروب" مرة أخرى بـ"صحتين" و"بعئِد" و"اعزمينا"... وبعد أن تشاهد من كانت تريد أن تكتفي اليوم بمفركة البطاطا الملحمة البطولية بين البيتزا والمنسف، تعود عن قرارها، وترسل "للجروب" صورة حوت بحري على أنه طبخة اليوم. طبعا، يُصعق "الجروب" من حجم الحوت، ويحصل على أكثر عدد من الإعجابات بـ"صحتين" و"كيف بدك تشويه" و"عيون الحوت بتعئِد".
طبعا، هذا "الجروب" تسبب في انهيار اقتصادي للعائلة، بعد أن اضطر أغلب الأزواج إلى تجديد قروضهم البنكية حتى يكون لزوجاتهم حضور ومشاركة فعالة في هذا "الجروب"؛ فلا وجود فيه لأكلة "الطُن" والسردين!
أما "جروب" الخناشير، فعادة ما يضم رجال العائلة، فليس فيه أي مصروف، لأن أغلب مواضيعه مقالات عن الفساد وبيع مقدرات الوطن، أو نُكات عن قرارات رفع الأسعار وتعيينات المناصب العليا، وفي بعض الأحيان فيديوهات مشوقة!
"جروب" حسن الختام يضم، عادة، كبار السن فقط؛ فيه دعاء كل ساعة تقريبا، وفضل صلاة الفجر وقراءة سورة الكهف، وكيف تنجو من عذاب القبر، وأفضل علاج لأمراض السكري والضغط ووجع المفاصل!
العالم كله يعيش الآن في "جروبات". لذلك، أتعجب في ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها، من إرغام الزعماء العرب على الجلوس تحت سقف واحد في القمة العربية المنوي عقدها في الأردن، وبعضهم لا يحتمل حتى النظر في عين شقيقه!
ولأن القمة العربية لن تخرج عن سابقاتها من حيث التأكيد على التضامن العربي، وإيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية، ودعم الشرعية في اليمن، وإيجاد حل للنزاع السوري، والوقوف إلى جانب العراق في مواجهة الأطماع الإيرانية، والترحيب بالمصالحة الصومالية، ودعوة الأطراف الليبية إلى تسوية الخلاف... فإنني أقترح إنشاء "جروب" على الـ"واتس آب" يجمع الزعماء العرب، توفيرا للوقت والجهد والنكد والنفقات. ومن ثم يتم إرسال بيان القمة، فيرسل كل زعيم مشارك "لايك" دليلا على تأييده، أو يغادر المجموعة ليعبر عن غضبه أو استنكاره!
أما الصورة التي ستجمع الزعماء العرب لتعبر عن وحدتهم، فالـ"فوتشوب" سيكون كفيلا بها، وربما ستكون أصدق تعبيرا. والاسم المقترح "للجروب" هو "اللي فينا مكفينا"!
الغد