جامعة اليرموك
تمرين ديموقراطي بالهروات الحية
خالد محادين
27-12-2006 02:00 AM
جامعة اليرموك تمرين ديمقراطي بالهروات الحية
ما حذرت منه في مقالتي الأخيرة على هذا الموقع ثبتت صحته و أكدت أن لدي من بعد الرؤيا ما يمكن أن يجعل مني قارىء كف متميزا أو قارىء فنجان عبقريا فعندما دعوت الله سبحانه و تعالى أن يحمي اللبنانيين من المندسين الأردنيين كنت أدرك خطورة هذا الإندساس سواء على الساحة اللبنانية التي لا تمل من الإعتصامات و التظاهرات أو على الساحة الأردنية التي تعتبر فيها كل مسيرة رجسا من عمل الشيطان و كل إعتصام ضربا متعمدا للوحدة الوطنية و كأن هذه الوحدة قطعة فخار هشة لا يصمد تماسكها أو تصمد صلابتها أمام سقوط قطعة طبشور فوقها.
بداية أعلن إتفاقي مع الحكومة و أذرعتها الضاربة في إقتحام حرم جامعة اليرموك بقوات مكافحة الشغب – بالغين و ليس بالعين كما قد يقرأها متربص- لكنني أؤكد إختلافي معها في طريقة الإقتحام أعني أن الإتفاق على المضمون لا يصاحبه إتفاق على الشكل فإقتحام حرم جامعي لإنزال الهزيمة بطلبتها المقاتلين بقيادة أستاذتهم المخططين و مواجهة أعمال تخريبية و إرهابية يقوم على تنفيذها شباب و صبايا في عمر الورد داخل حرم الجامعة و قاعاتها و مدرجاتها و مختبراتها ، عمل يجب ألا يكون دون شهود و لعل الأولى بتلقي دعوتنا لمثل هذه المعركة هم الأشقاء اللبنانيون فلو أن رئيس حكومتنا دعا رئيس الحكومة اللبنانية الفاقدة لشرعيتها و دستوريتها ووزير داخليتنا دعا نظيره اللبناني و قائد قوات الشغب الأردنية دعا قائد قوات الشغب اللبنانية – لا أدري إذا كان في لبنان قوات لمكافحة الشغب – و دعا تلفزيون المستقبل الى عمل مشترك مع التلفزيون الأردني و تم توجيه الدعوة لأبرز القادة اللبنانيين الشرفاء أمثال وليد جنبلاط و سعد الدين الحريري و أحمد فتفت و مروان حمادة ليكونوا ضيوف الشرف على عملية الإقتحام لكان في وسعهم أن يستفيدوا من تجربتنا و أن يطاردوا مئات الآلاف من اللبنانيين المعارضين المعتصمين في ساحة الشهداء و ساحة رياض الصلح – دون الحصول على موافقة من محافظ بيروت- و كان في وسع حكومة الأكثرية النيابية و الأقلية الشعبية الإجهاز على الإعتصام و المعتصمين خلال ساعات أو يوم واحد.
دخل إعتصام المعارضة اللبنانية اسبوعها الثاني تحت حماية الجيش اللبناني و قوات الأمن اللبنانية دون أن يحدث ما يعكر صفو الإعتصام سوى إطلاق مليشيات تابعة لتيار المستقبل الرصاص على أحد العائدين من الإعتصام و سقوطه شهيدا،و لو إستمرت إعتصامات المعارضة اللبنانية أسابيع و شهورا لظل الأمر على ما هو عليه لأن الديموقراطية الحقيقية تجمع المعارضين و المؤيدين في لبنان على هدف واحد هو حماية بلدهم و النأي به عن أي تشويه أما عندنا فيبدو أن الحرص على الحكومة و أذرعتها يتقدم كل حرص على صورة الوطن الجميلة و نقائه و حق مواطنيه في التعبير عن أرائهم و مواقفهم بكل أشكال التعبير كما يحدث في 99% من دول العالم.
لست مستعدا لمناقشة أي تبرير أو تفسير رسميين لما حدث فإقتحام حرم جامعة هو كإقتحام حرم مسجد أو كنيسة و التقدم نحو أبنائنا و بناتنا المختلفين ديموقراطيا حول إنتخاباتهم بالعصي الغليظة و البنادق و الخوذات جريمة أخلاقية و سياسية قبل أن تكون جريمة جنائية و من سوء حظ جامعة اليرموك أن ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم إقتحام حرمها فقبل عقدين من الزمان و في عز الليل و في أحد أيام رمضان تعرضت لإقتحام دموي ذهب ضحية له أربع طالبات – إحداهن كانت معاقة لا تقوى على المشي – و لأن مسؤولا واحدا لم يعاقب و لأن المخططين و المنفذين لتلك الجريمة- المجزرة تدرجوا في مناصبهم حتى تولوا أعلى المناصب في السلطتين التنفيذية و التشريعية فقد أغرى الامر الذين خططوا و الذين نفذوا تدنيس حرم الجامعة و كأنهم خططوا و نفذوا عملية عسكرية تستهدف عدوا أو عصابة أشرار و من المؤكد أن بعض الطلبة ممن تمت مطاردتهم كانوا قبل أيام ضمن شباب الأردن الذين نعقد لهم الندوات و المؤتمرات المنبثقة عن آخر إكتشافاتنا السياسية و الفكرية (كلنا الأردن).
رئيس الجامعة – و في إتصال هاتفي مع موقع عمون - قال أنه أبلغ الشرطة بما يحدث بين الطلبة و أنه طلب من الشرطة التواجد عند مدخل الجامعة الغربي لإستعراض القوة – لا ندري على من دعا أن يتم إستعراض القوة – لكن إشتداد الإشتباكات بين الطلبة و إستخدام القنابل و المسدسات و قاذفات الآر-بي-جي و ربما الأسلحة الجرثومية أدى الى دخول قوات مكافحة الشغب – بالغين و ليس بالعين – حرم الجامعة أي أن الدخول لم يكن بطلب رئيس الجامعة. الناطق الإعلامي في مديرية الأمن العام قال في تصريح صحفي (بناء على طلب رئيس الجامعة تدخلت قوة من قوات الشرطة للسيطرة على الموقف و إعادة الهدوء الى الجامعة) و لأن ما طلبه رئيس الجامعة هو التواجد عند المدخل الغربي للجامعة فإن دخول قوات مكافحة الشغب كان قرارا من قياداتها و ليس من الجامعة.
ما حدث في حرم جامعة اليرموك سيتكرر عشر مرات و مائة مرة لأننا نريد أن يمارس طلبتنا الجامعيون الديمقراطية وفق المقاييس الرسمية و نعتقد مخطئين أن تأجيل أو تعقيد الإنتخابات الطلابية أو ترك إختيار نصف مجلس طلبة الجامعة الأردنية لرئيسها و النصف الثاني لثلاثين ألف طالب و تخويل رئيس الجامعة بتعيين رئيس المجلس عمل ليس ديموقراطيا و لا يشير الى حد أدنى من الثقة في وعي و مسؤولية جيل المستقبل الذي يجلس الآن على مقاعد الدرس في جامعاته و هذه الأخطاء الصغيرة التي يرتكبها شبابنا و صبايانا لا قيمة لها و لا خطر منها مقارنة مع إقتحام أحرام جامعاتهم و مطاردتهم بالخوذات قبل أيام و بالرصاص قبل عقدين و لا بد من مسؤول يتحمل مسؤولية معالجة الأخطاء الصغيرة و الديموقراطية لأبنائنا و بناتنا بهذه القوة و الرعب و الإحتقار. و لكم أن تتصوروا ما الذي يمكن أن يحدث في بلد ديموقراطي لو أن قوات مكافحة الشغب إقتحمت حرم جامعة! سيستقيل رئيس وزرائه و سيستقيل وزير داخليته و سيستقيل مسؤولو أمنه و إذا كانوا محظوظين و تسامحت معهم مجالسهم النيابية و صحافتهم فلن يقدموا للمحاكمة فإن أقل ما يكون عقوبة لهم هو حرمانهم من تولي أي منصب و حرمانهم من الترشح في اية إنتخابات و حرمانهم حتى من العمل في القطاع الخاص لأن شعوبهم تحترم الحرية و تتصدى لأعدائها و تحترم الديموقراطية و لا تسمح لأعدائها بالإقتراب منها بعد أن نبذتهم اعمالهم المشينة.
أما عندنا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون طالما لدينا ديمقراطية خاصة بنا و قانون إنتخابي ليس له مثيل في السوء و نرفع دائما المسامح كريم لكن الشعوب لا تسامح.
kmahadin@hotmail.com