دائماً ما يبدع العرب في «معط» الأمثال والحكم والأقوال المأثورة والتوصيف لكن «ع القاعد» دون ان يبذلوا سعراً حرارياً واحداً في تحسين ظروف معيشتهم أو سياستهم أو اقتصادهم، فقد أبدعوا بإسداء النصائح للعالم في كل المجالات؛ بالنهوض بالتقدم بالكرامة بالحرية بالصداقة بالخير والشر بالمصلحة بالنجاح لكنهم خابوا في جلّ القطاعات التي نصحوا فيها سواء على المستوى الشخصي او السياسي، ومع ذلك يبقى العربي حكيماً وخبيراً في خلاصات التجارب، واذا أردت ان تستفيد منه، ما عليك سوى أن توفّر له «تكويعة» مع بكرج قهوة وخذ منه حكم وعبر ورجاحة عقل حتى الصباح..
«اذا هبّت رياحك فاغتنمها». هذا المثل، عربي الانتاج والتأليف والتغليف 100% لكن استغله الدنماركيون بحرفيته حتى لو يسمعوا به من قبل...ففي يوم 22 شباط الشهر الماضي، تمكنت الدنمارك من انتاج طاقة كهربائية تكفي البلد بالكامل ليوم واحد، اعتماداً على توربينات الرياح، حيث استطاعت مراوح الدنمارك من توليد 97 غيغاوات- ساعة في يوم 22 فبراير، مستفيدة من الرياح النشطة والقوية التي هبّت على البلاد في ذلك اليوم، لتنتج كهرباء كافية لتشغيل 10 ملايين منزل..يعني استطاعت ان توفر طاقة يوم كامل من الهواء، وبالتالي تحقيق وفر مالي هائل على الدولة بسبب الرياح، فقد جاءها هبوب مجاني وخير رباني فاستغله الدنماريكون بإضاءة وتشغيل وانارة بيوتهم ومصانعهم وشوارعهم...مطبّقين المثل أعلاه بحذافيره «اذا هبّت رياحك فاغتنمها».
هنا اذا هبّت رياح قوية كيف نغتنمها؟؟ اول ما يخطر ببال الأردني ان «يغطي الاسمنتات»، ويضع شادر على «قلاب البودرة» في باب البيت، وأول ما يخطر ببال أم العيال ان «تلم الغسيلات» من على ظهر الحيط كي لا يطير شبّاح الحجي أو سروال آخر العنقود..واذا كانت الريح شرقية نشطة السرعة، نغلق الشبابيك ونتأكد من وضع «بلوكّه» خلف باب بيت الدرج «عشان ما يظل يرقع»!!.. هكذا نغتنم رياحنا اذا هبّت...والحكومة ليست بأحسن حالٍ منا فهي تفكّر على طريقتنا تخاف على بودراتها واسمنتاتها وشباح الحجي وسروال الحجة لكن بشكل رسمي ومدعّماً بالأرقام..
بنظرة فاحصة أكثر، نستطيع أن ندرك أن جماعة العالم الأول دائماً يفكّرون كيف يربحون، ينجزون من كل ما يجري حولهم ..ونحن نفكّر دائماً كيف لا نخسر ولا نفقد ولا نتراجع بسبب كل ما يجري حولنا...وهذا مبرر كافي لفهم قفزاتهم و»تشبعاتنا ع صباحتنا»...
وغطيني يا كرمة العلي..وسكري الشباك!
الرأي