مهلًا .. منظمة العفو الدولية !
د. عدنان سعد الزعبي
06-03-2017 12:04 PM
العفو من منظمة العفو الدولية على تصريحها حول الاعدامات التي نفذتها الحكومة بخصوص مجرمين مارسوا أبشع صنوف انتهاك الحقوق الانسانية وفي مقدمتها حق الانسان الطبيعي بالعيش والامن والسلام. العفو. من منظمة تنتقد محاكمة مجرمين احتكروا لأنفسهم الحق في قتل الناس واستباحة ارواحهم واعراضهم واموالهم وتركوا لأنفسهم الحق في محاكمة الناس واصدار احكامهم وتنفيذها مخالفين شرع الله وقوانين الدنيا ، فمن اختار لنفسه القتل والبطش وتنفيذ اعتى الجرائم وخلق حالة الفوضى وعدم الامن في المجتمعات وسلب حق الانسان في العيش بالأمان والاستقرار مرسخة الارهاب الامني والفكري و الانساني جريمة لا يقبلها الانسان ولا قوانين السماء .
والانسانية كما تعرفها فلسفة المعاجم والمنظمات الحقوقية بما فيها منظمة العفو الدولية هي البعد القيمي والمثل الاخلاقية والوجدانية والفكرية التي يتفاعل بها ابناء الصنف البشري كسمة تميزهم عن بقية المخلوقات وان المحافظة عليها يعني قواسم مشتركة تربط الانسان البشري اينما يسكن وحيثما يكون ولا يجوز ان تطبق في مجتمع وتحرم في مجتمع آخر فالعدالة تعني التطبيق العمومي دون استثناء او تحيز ، وهذا بالضبط المبدأ الاساس الذي اعتمدت عليه مبادئ المنظمة الدولية للعفو ، فحكم الاعدام في العالم لم ينقطع لا في امريكيا ولا في اروبا ولا حتى في السويد التي حرمت الاعدام الا في حالات كالتي صنفناها سابقا.
العفو من تصريحات بعض اعضاء المنظمة والذين اعترضوا على تنفيذ الاعدامات في الاردن ووصفها بالسرية ، لنتساءل وبصوت عال ، ماذا نسمي تطبيق احكام القانون وتوفير المحاكمات العادلة ، واستمرار المحاكمات العلنية لما يزيد عن العام وبشكلها العلني ونشر مداولاتها عبر صفحات واثير الاذاعات وشاشات التلفزة والمواقع الاخبارية ، فهل هذه هي السرية ؟! وكيف حكم الناشطون في حقوق الانسان بانها مفاجئة وتمت بسرية ؟؟؟ بل هل هناك تعريف آخر للعلنية في قاموس المنظمة الصديقة لا نعرفه بالأردن ولا ندركه.
العفو من المدافعين عن حقوق الانسان في هذه المنظمة العريقة والمهمة والتي نتمنى لها جميعا كأبناء البشرية وندعمها ، لكننا لا نقبل بل نعتب كأبناء بشر على ازدواجية المفاهيم والمعايير و التفكير والتعبير والحكم الذي يمارسها بعض الاعضاء وكأنهم لا يرون الحقيقة الا من زاوية واحدة ولا يسعون نحو الحقيقة التي هي جزء من مبادئ المنظمة ، فحق الانسان بعدم الاعدام هو الانسانية التي تحتم ان لا يكون الانسان خطرا على اخيه الانسان ولا يشكل حالة تهديد واضطراب وقتل وتدمير له ، في حين فان من غسلت ادمغتهم وتشوهت عقولهم وتجلدت احاسيسهم ومشاعرهم وتبدلت لتكون بهذه الوحشية والحيوانية التي لا تتلذذ الا على سفك الدماء ولون الدماء ورائحة الدماء ،فهؤلاء كالمرض المعدي لا بد من الخلاص منهم خوفا على بقاء واستمرار البشرية الانسانية . فالذين يحتكرون الحقيقة ويتملكهم شعورا بالاحتكار الديني السماوي مستغلين واقع الحصانة الدينية ومصداقية الدين فيربطون الجنة والخلد والنعيم بنهجهم حتى تهون الحياة على صاحبها فيرسمون برامجهم بخط واحد ولون واحد منفردا لا يعترف بالأخرين ولا يعطي غيرهم الحق في التعبير او الراي ..الخ .
فحقوق الانسان كما جاء بالإعلان العالمي لحقوق الانسان حاربت الظلم وطالبت بالعدالة وحق الانسان بالدفاع عن النفس ، فماذا فعلت الاردن غير ذلك رغم مطالبة الناس بإعدامهم دون محاكمة كون فعلهم طغى على كل محاكمة ، وهم الذين قتلوا بأبشع الطرق وبدم بارد وهم الذين خططوا لقتل المزيد من الابرياء في المولات ومراكز الامن والمؤسسات او انتهاك حقوق الاخرين بمصادرة شرفهم او عرضهم او ممتلكاتهم بالسطو.
العفو من العفو الدولية في الخلط ما بين حقوق الانسان ومن يجب ان ينطبق عليه انسان ، فالذي لطخت يداه بالدماء لا ينفك في سفكها حتى اصبحت اراقة الدماء والقتل غريزة غير مشبعة في ذاته فان ذلك يشكل خطرا كبيرا على مفهوم وروح وهدف وجود الانسانية التي هو هدف منظمة العفو الدولية وغايتها .
الاساس ان تحدد المنظمة بالدراسة والتمحيص والتدقيق والبحث مفهوم الاعدام باعتباره مناقض للحرية وحق الانسان بالعيش وبين من جاء فقط لاغتيال كل هذه المعايير ، فنحن جميعا نكافح المرض من الجراثيم فنطلق البرامج الصحية الوقائية والعلاجية و مع منظمة حقوق الحيوان نصطاد الحوينات المفترسة والمتوحشة والمسعورة خوفا على حياة الناس وحقوقهم وامنهم. أليس هؤلاء وحوش وبلغة الغابة ولكن على شكل بني البشر ، فاذا حكمت المنظمة على الشكل اكثر من العقل والقلب والسلوك فإننا في ازمة كبيرة مع هذه المنظمة.
قتل المجرمين في ساحات القبض عليهم اسهل بكثير من القبض عليهم ومحاكمتهم والاخطار المترتبة على ذلك ، لكن الثوابت الراسخة في الاردن في ممارسة القانون والقيام بالأصول القانونية واحترام انسانية الانسان وحقه في المحاكمة العادلة باعتباره حق حتى مع المجرمين رغم حالة الحرب وصورة الدفاع عن النفس وعن الوطن التي تجيز لقوات الامن اي اجراء يتخذونه في الميدان.
العفو يا منظمتنا العتيدة فلا نريد ان تهتز صورة منظمتنا العتيدة بالخلط وعدم التمييز والتدقيق وبالانحيازية ، فمنذ عام 1961 ونحن ندفع برقي هذه المنظمة ذات الابعاد النبيلة والتي انتشرت في اكثر من منتصف دول اعالم ودافعت مع منظمات الامم المتحدة عن حقوق الانسان التي تتماشى مع مفهم الانسانية الذي بدأ يشتعل ويرتفع مفهومه مع تطور واقع الاتصال وتقارب الناس وتعاظم القواسم المشتركة