التوحد على أسس طبقية لا عرقية !!
10-11-2008 12:00 AM
كان انحياز المواطنين سابقا يتجه نحو "المنابت والأصول" عموما، أي لحساب العرق، ولم تزل بعض مظاهره تلوح لدى المولعين في هذا النهج الهدام، وهي منغصات كادت تصيب التماسك الداخلي في مقتل، من مثل العودة إلى "الأصول والمنابت"، وخاصة بين ما يعرف بـ" الشرق أردنيين، والأردنيون من أصول فلسطينية".
على أن الدولة، بكل مكوناتها المستنيرة، عمدت نحو تدارك هذا الانفلات، الذي إن وصل إلى أطوار متقدمة، سيدفع، بلا أدنى ريب، باتجاه انهيار المورد الأهم في المجتمع، وهو المورد الإنساني الذي يعد أهم أعمدة التحديث الداخلي.
لكن المجتمع الأردني يشهد اليوم انقلابا جذريا في أسس العلاقات والاصطفافات داخليا حين شرع المال يشكل عمادها.
المجتمع الآن منقسم إلى طبقتين، واحدة تعاني تخمة مالية، وأخرى تنخرها أنيميا الفقر وتردي أوضاعها المعيشية.
الطبقة الأغنى، برغم تدني نسبتها الى عموم السكان، فهي تمتلك مفاتيح السيطرة والتحكم بمصادر المال، والاستثمار، ومسارات الاقتصاد، و( .. ) إلخ، وبالضرورة السلطة.
ولئن لعب الصراع الداخلي على أسس إتنية، أو طائفية، دورا مخلا في مكونات الدولة بشكل خطير، فإن اتساع الهوة وانعدام الثقة بين قوى المال والشارع ستكون اشد خطورة على الجبهة الداخلية في مداها البعيد، لان أي جهات لن تتورع، مهما كانت "أصولها" وجنسيتها، عن التوحد في سحق الفقراء لتنفيذ "البزنس".
ذاك، لن يتأتى إلا من خلال الأخذ بعين الجدية بكل الطروحات الاقتصادية وتفعيل البدائل من الغرق في اقتصاد السوق الناقم على الفقراء، علاوة على مناقشة الوضع الاقتصادي العام بشكل أوسع، واشراك كل المجتمع في صنع مصيره الاقتصادي.
لا بد إذن، إن استمرت الأوضاع الاقتصادية كما هي عليه اليوم، وأن غابت الهيكل الذي يجب أن يكون عليه شكل الدولة الاقتصادي اللازم، أن يعاد ترتيب البيت الداخلي لتجمعات الفقر والبطالة المعتمدة على القطاع العام، المرهقة من سياسات الانفتاح وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار، وتشكيل اصطفافات جديدة في مواجهة استبداد المال وطغيانه على أسس طبقية لا عرقية.