في عمر الطفولة المدرسية كنا نرى العالم من خلال معلماتنا اللاتي كن يصحبن معهن فلذات اكبادهن إلى غرفة الصف فهم أصحابنا وهكذا برضانا ورغما عنا كنا أبنائهن... وهل تبخل الام على ابنها !! ... وعلى حب فلسطين المغتصبة ترعرعت القلوب وكبرت العقول مع إيقاعات نشيد الصباح في صفوف الإبتدائي... فلسطين داري ودرب انتصاري..
"فلسطينُ داري.. ودربُ انتصاري.. تظلُّ بلادي.. هوىً في فؤادي.. ولحناً أبيا.. على شفتيا.. وجوهٌ غربية.. بأرضي السلبية.. تبيع ثماري
وتحتل داري.. ويرجع شعبي.. إلى بيت جدي.. وأعرف دربي.. إلي دفء مهدي.. فلسطين داري ودرب انتصاري"
بهذه الكلمات العظيمة التي كتبها بوجده الشاعر سليمان العيسى... وبرغم أننا أطفال نلهو ونلعب وأكبر مشروع كنا نعرفه هو ادخار 70 قرش في مقصف المدرسة إلى نهاية العام. لكن كنا في كثير من الاحيان كبار في فكرنا وفي فلسطينيتنا والسؤال الذي دفعنا لأن نكبر رغما عنا... لماذا فلسطين محتلة ولماذا لا ينتهي احتلالها... متى نكبر حتى تعود فلسطين؟ كبر جيل الأطفال مع مشاهد أطفال الحجارة حتى أثناء طفولته البريئة... فراح يترك لعبة "سبع حجار" و"الشرطي والحرامي" والطائرة الورقية و"صناعة سيارات الاسلاك" ليزاحم الكبار في نشرات الأخبار على التلفاز والمذياع والصحف اليومية... وهنا بي بي سي... كبرنا وكبرت فلسطين فينا...ولن ننسى السلام الملكي والطابور الصباحي واناشيد الطابور... يا جيشـنا يا عربــي يا درع كل العربي.. تعيــش..تعيــش..تعيــش وتحيـا عربــي
يا قـدس يا شـمـس الهــدى ارواحنـا لـك الفــدا
غــدا سنلتـقي غــدا على ثـراك الطيـب يا جيشـنا يا عربــي ... وأغنية أنا الاردن من تأليف الشاعر سليمان المشيني:
أنا الاردن.. ضرب الامثال شعبي بالشهامة ...
يحمل الفأس بساعد ... يحمل الرمح بساعد ...
يتحدى الهول صامد ..... صاغ نصر العرب في يوم الكرامة .....
أنا الأردن
كاللظى شعبي بساحاتِ الحُتوفْ
شعب أبطال قساورْ
بالدما يبني المفاخرْ
وهو يجتاح المخاطرْ
يكتب السؤدد في حدِّ السيوفْ
إنها القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وارض الإسراء والمعراج ومهد السيد المسيح.. إنها محور القضية في العالم..
إنها فلسطين التي فتحها الفاروق عمر بن الخطاب وحررها صلاح الدين الأيوبي وسقط من أجلها ملايين الشهداء وعلى عتبات الاقصى استشهد الملك عبدالله الأول، واستشهد لأجلها محمد الحنيطي في حيفا، وعبد القادر الحسيني في معركة القسطل، وفراس العجلوني أول طيار في العالم ينفذ ضربة جوية على حيفا وما بعد حيفا.. ورابط على الخطوط الأمامية الملك طلال رحمه الله.
وقبل أيام في وفي مدينة العمال والعسكر كانت فلسطين حاضرة بقوة حينما انطلقت في الزرقاء فعالية لإحياء ذكرى استشهاد الرائد البطل راشد حسين راشد الزيود تحت رعاية مستشار جلالة الملك للشؤون العسكرية الفريق أول مشعل باشا الزبن... وشارك أبناء عشيرة الزيود من فلسطين أبناء عمومتهم بني حسن في إحياء هذه الذكرى وحينها قال المفكر محمود الزيودي في كلمته أن الملك المؤسس عبدالله الأول أجبر كلوب باشا على تحريك الجيش رغما عنه حينما وجد رئيس الوزراء الأردني الملك عبدالله الأول فوق رأسه وهو يصحو من النوم ليطلب منه تشكيل لجنة وصاية على العرش. فالملك قرر المشاركة ميدانيا للدفاع عن فلسطين.
ورحم الله الحسين الباني بطل العرب والكرامة ومواقفه المشرفة تجاه القضية الفلسطينية وانقاذه لخالد مشعل قبل موت محقق واسترجاع الشيخ أحمد ياسين رحمه الله من سجون الاحتلال وتلبية رغبته بالعودة إلى فلسطين بعد تلقيه العلاج في مدينة الحسين الطبية...
إن الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في فلسطين هي وصاية موصولة منذ عام 1924 لمبايعة اهل القدس وفلسطين الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه وفي نفس العام تبرع ب24 ألف ليرة ذهبية لإعادة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ومن ثم الاعمار الهاشمي بايعاز من المغفور له بإذن الله الملك الحسين، وإعادة الاعمار بعد تعرض المسجد الأقصى للحريق. واليوم آلت هذه الوصاية المباركة الى سليل الدوحة الهاشمية الملك عبدالله الثاني حفظه الله وهو صاحب الوصاية على المقدسات والمسجد الأقصى الشريف بما في ذلك بطريركية الروم الأورثوذكس المقدسية والتي تتبع للقانون الأردني رقم 27 لسنة 1958 وفي العام 2007 وبتوجيهات من جلالته أعيد تصميم منبر صلاح الدين الأيوبي وفق تصميمه الأصلي الحقيقي مع تحمل كافة تكاليف دائرة الأوقاف في القدس والمحاكم الشرعية وحراسة المسجد الاقصى.
وآخر المقالات الهامة عن فلسطين خطها معالي سميح معايطة والتي عنونها: "أردنية الدولة في مواجهة الدولة الواحدة"...أي لمواجهة يهودية الدولة!
هذه هي فلسطين الحاضرة في نفوسنا... هذه فلسطين داري... فلسطين هي الدولة الفلسطينية الحرة الأبية!!
حفظ الله الاردن وحفظ الله فلسطين.. فلسطين داري